في ظلال «الهدنة».. هل انتهى الكابوس؟

لبنانية تقف على أنقاض منزلها المدمر في مدينة صور بعد سريان وقف إطلاق النار
لبنانية تقف على أنقاض منزلها المدمر في مدينة صور بعد سريان وقف إطلاق النار

تزامناً مع دخول قرار وقف النار في لبنان حيز التنفيذ عند الرابعة من فجر أمس، ازدحمت الساحة المحلية بالمواقف السياسية والخارجية المرحبة، تماماً كالطرقات التي ازدحمت بسيارات العائدين إلى ديارهم أو ما بقي منها، في وقت اجتمعت حكومة تصريف الأعمال لتصادق مجتمعة على قرار وقف النار، وسط تساؤلات عما إذا كانت شروط اتفاق الهدنة تستحق الاحتفال أم مراجعة الحسابات؟

وبعد حرب دامية أودت بحياة أكثر من 3850 شخصاً وأصابت 15 ألف آخرين، كان اتفاق هدنة الـ60 يوماً بين إسرائيل ولبنان رأى النور عند الرابعة فجراً، وحققت إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، إنجازاً ولو جزئياً قبل مغادرته البيت الأبيض في يناير المقبل وتسلم الرئيس المنتخب دونالد ترامب السلطة، وذلك وفق المقترح الأمريكي، وبتعديلات راعت مطالب الجانبين، وبعد ليلة حبس فيها اللبنانيون أنفاسهم حتى الفجر وإلى الدقائق الأولى لدخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، حيث بدأ أهالي الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت بالعودة إلى بلداتهم بعد ليلة مجنونة، أدرجتها إسرائيل في خانة المرحلة الأخيرة من الاستهدافات قبل سريان وقف إطلاق النار، فأفرغت مخازن النار قبل وقف إطلاق النار، بدءاً من بيروت، التي بدت تحت حصار من الغارات، مروراً بصور وصيدا والبقاع، ووصولاً إلى الضاحية الجنوبية، التي صعدت على جناح الخرائط المتفجرة، وانضمت المباني التي كانت فيها على قيد الظهور إلى رفيقاتها تحت الركام.

وفي المحصلة، هو خط نار امتد حتى غياب المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، أفيخاي أدرعي، وإنذاراته التي ملأت الساحة، لا سيما أول من أمس، وبعد ليلة كانت الأخطر على كل المناطق اللبنانية، وبخاصة بعدما دخل عمق بيروت على خريطة الإنذار الإسرائيلية الحمراء، عاد النازحون إلى الضاحية الجنوبية لبيروت، التي شهدت إطلاقاً كثيفاً للنيران ابتهاجاً بالعودة، وإلى البقاع لتفقد منازلهم وأرزاقهم، وسط تحذيرات وجهها الجيش اللبناني لتفادي الأجسام الغريبة غير المنفجرة.

كما دعت قيادة الجيش العائدين إلى القرى والبلدات الحدودية في الجنوب، خاصة في أقضية صور وبنت جبيل ومرجعيون، إلى التجاوب مع توجيهات الوحدات العسكرية، وعدم الاقتراب من المناطق التي توجد فيها القوات الإسرائيلية، حفاظاً على سلامتهم. ورغم تحذيرات الجيش بضرورة الانتباه إلى خطورة المسارعة للعودة إلى القرى والبلدات، وعدم تسجيل أي خروقات ابتداءً من الفجر، فإن أعداداً من النازحين انطلقوا إلى بيوتهم التي غادروها منذ شهرين و4 أيام.

مواكب عائدين

وعلى امتداد المشهد اللبناني، انطلقت مواكب العائدين من كل حدب وصوب.. إنه بدء سريان اتفاق وقف إطلاق النار، الخبر الذي طال انتظاره، إنها نهاية الحرب الكابوس التي هي ليست عيداً وطنياً، لكنها بدت في خواتيمها ولحظاتها التدميرية الأخيرة، وغاراتها الأخيرة، عيداً شعبياً، عيد العودة إلى أرض العودة، وفق تعبير أحد العائدين.

وفي كلمة له بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، أشار رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى مرحلة تعزيز حضور الجيش في الجنوب، وبدء مسيرة إعادة الإعمار، مؤكداً التزام حكومته بتحقيق الاستقرار على الخط الأزرق، علماً أن الجيش باشر تعزيز انتشاره في قطاع جنوب الليطاني وبسط سلطة الدولة، بالتنسيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان «اليونيفيل»، وذلك استناداً إلى التزام الحكومة اللبنانية بتنفيذ القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن بمندرجاته كافة والالتزامات ذات الصلة، لا سيما ما يتعلق بتعزيز انتشار الجيش والقوى الأمنية كافة في منطقة جنوب الليطاني، وفق البيان الصادر عن قيادة الجيش.

وفي وقت عاد المبعوث الفرنسي، جان إيف لودريان، إلى بيروت، أمس، لإجراء محادثات حول حل الأزمة السياسية الرئاسية، رأى رئيس مجلس النواب، نبيه بري، في كلمة ألقاها في أعقاب إعلان وقف إطلاق النار، أن لبنان تمكن من إحباط مفاعيل الهجوم الإسرائيلي، والبدء بمرحلة جديدة بعد الاتفاق، مشدداً على ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية، يجمع ولا يفرق، ولا يشكل تحدياً لأحد.