تزامناً مع التزام لبنان وقف إطلاق النار، ومباشرته باتخاذ الخطوات الدبلوماسية والعسكرية واللوجستية، في إطار القيام بالموجبات المطلوبة منه لتنفيذ القرار الدولي 1701، والتحضير لتكوين سلطته الجديدة، بدءاً بانتخاب رئيس الجمهورية في جلسة 9 يناير المقبل، استمرت إسرائيل في خرق وقف النار والقرار لليوم الثالث على التوالي، فيما اكتفى لبنان الرسمي حتى الآن بتسجيل هذه الخروقات من دون أي رد عليها..
وذلك، غداة قول رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو: لم أقل إن ما يجري في لبنان هو وقف للحرب، بل وقف لإطلاق النار، وقد يكون قصيراً، مؤكداً أنه أوعز للجيش الإسرائيلي بالاستعداد لشن حرب قوية، حال خرق اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان في شكل واسع..
فماذا سيكون موقف رعاة هذا الاتفاق؟، وهل يكون الحل باتصالات من الدول الراعية عند كل خرق إسرائيلي؟ وبالتالي، كيف سيكون الرد الحقيقي من جميع المعنيين على أول اختبار حقيقي لجدية الاتفاق؟ يسائل كثيرون.
وفيما الأنظار في اليوم الثالث لسريان اتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل ظلت على الخروقات التي سُجلت في الجنوب، وعودة النازحين التي حافظت على وتيرة عالية من الزخم والكثافة، وصل إلى بيروت الجنرال الأمريكي الذي سيرأس لجنة المراقبة لوقف إطلاق النار.
سياسياً، حدد رئيس مجلس النواب، نبيه بري، 9 يناير المقبل موعداً لعقد جلسة هي الثالثة عشرة لانتخاب رئيس جديد للجمهورية، مؤكداً أنه سيدعو سفراء الدول المعتمدين في لبنان لحضور الجلسة، بما يعكس البعد الدولي في هذه الاستحقاقات المهمة. علماً أن الملف الرئاسي تلقى جرعة تنشيط من خلال حضور الموفد الفرنسي، جان إيف لودريان، إلى بيروت، حيث أطلق مروحة من اللقاءات والمشاورات.
ولعل ما حدث في هذا السياق، أكد المعطيات التي واكبت ولادة اتفاق وقف النار، والتي أشارت إلى أن مقدمات الجهود الأمريكية والفرنسية لإنهاء الحرب استبطنت مشاورات سرية وضغوطاً لاستكمال إعلان وقف النار، باستعجال انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان، إيذاناً بترميم الوضع المؤسساتي الدستوري وقيام حكومة.
بحيث يتعذر بل يستحيل المضي في تحصين التسوية التي أنهت الحرب، والحصول بعدها على مساعدات خارجية لإعادة الإعمار، ودعم تسليح الجيش اللبناني وتقويته إلا بوضع مؤسساتي كامل.
تفنيد اتفاق
وما بين المفاعيل السياسية والأمنية لاتفاق الهدنة، فإن ثمة كلاماً عن أن مفاعيل وقف النار، ليست عسكرية فقط بل رئاسية أيضاً. أما على المقلب الآخر من الصورة، فإن ثمة تفنيداً للاتفاق وفق ما يلي:
التطبيق على مدى 60 يوماً وعلى مراحل، هو ليس كاتفاق إنهاء حرب يوليو 2006، يوم انسحب الجيش الإسرائيلي فوراً ولم يبقَ منه جندي واحد على أرض لبنان، فهذه المرة لن يخرج من شريط حدودي جديد إلا خلال مهلة 60 يوماً، مع ما يعنيه الأمر من كون الاتفاق ووفق قول مصادر مطلعة لـ «البيان»، بمثابة هدنة مجملة بعنوان وقف النار، تمتد على مدى الأيام الـ60.
ومفاعيلها تمتد على كل الأراضي اللبنانية.. فتفكيك مخازن الأسلحة ومصانعها لن يقتصر على الجنوب فقط، بل سيطال كل لبنان. أما منع تهريب الأسلحة، فسيطال أي معابر شرعية أو غير شرعية مع سوريا، وكذلك المطار والمرافئ، وخلال الـ60 يوماً.
معالم أساسية
أما على المقلب الآخر من الصورة، فبرزت المعالم الأساسية لاتفاق وقف النار في جملة حقائق، أوردتها مصادر سياسية متابعة بقولها لـ «البيان»، إن هذا الاتفاق أعاد الاعتبار إلى الشرعيتين اللبنانية والدولية في جنوب الليطاني، بحيث يفترض انسحاب حزب الله انسحاباً كاملاً بمقاتليه وسلاحه.
فيما ينتشر الجيش وقوة اليونيفيل، ومن ثم يُنجز الانسحاب الإسرائيلي كاملاً في مهلة الـ60 يوماً. كما أن الاتفاق، وفق المصادر نفسها، يعيد الاعتبار كاملاً لكل منطوق القرار 1701، وتفكيك كل البنى التسليحية ومنع التسليح عبر الحدود، فضلاً عن التمهيد لإطلاق مفاوضات تسوية الحدود البرية بين لبنان وإسرائيل.
وعليه، فإن ثمة إجماعاً سياسياً على أنه من المبكر تقييم اتفاق وقف إطلاق النار، وعلى أن سقوط الهدنة لا يقاس بهذه السرعة، في حين تردد أنه تم التواصل مع الأمريكيين لوضعهم أمام مسؤوليتهم ضمن اللجنة الخماسية التي كُلّفت مراقبة تنفيذ الاتفاق، في اعتبار أن الخطوة التالية ستكون الانتقال من اتفاق هدنة إلى وقف إطلاق نار حقيقي، والإسراع في تأمين حماية للقرار الدولي 1701.