تتسم الأيام المقبلة بقدر عالٍ من الأهمية، لجهة رصد الإجراءات الأمنية والعسكرية التي يستكملها الجيش اللبناني تباعاً في منطقة الجنوب، استعداداً للانتشار الواسع على الخط الحدودي، بعد انسحاب القوات الإسرائيلية من البلدات والقرى الجنوبية التي لا تزال تتمركز فيها. وتجري هذه الإجراءات فيما بدأت لجنة الرقابة الخماسية للإشراف على تنفيذ اتفاق وقف العمليات العدائية عملها اعتباراً من اجتماع تمهيدي عقدته، أمس، الأمر الذي يفترض تحصين تنفيذ الاتفاق والدفع بزخم أكبر نحو استكمال الإجراءات التي التزمها لبنان وإسرائيل في 27 نوفمبر الماضي.
وكان لافتاً أن لبنان سرعان ما وجد نفسه أمام استحقاق داهم آخر اقترن بالاستحقاق الجنوبي، بعدما تسارعت التطورات الجارية في سوريا، ذلك أن الحدث السوري، معطوفاً على احتمالات اتساع سيطرة الفصائل المسلحة نحو المناطق المتاخمة للحدود مع لبنان، فرض استنفاراً آخر للجيش اللبناني، إذْ رُصدت تعزيزات كبيرة إضافية للوحدات العسكرية على الحدود الشرقية مع سوريا، تحسباً لكل الاحتمالات، متزامنة مع استمرار تعزيز انتشار الجيش في الجنوب بالتنسيق مع قوات اليونيفيل. وأفادت قيادة الجيش بتعزيز الانتشار على الحدود الشمالية والشرقية، تحسباً لأي طارئ، لاسيما خلال هذه المرحلة الاستثنائية التي تتطلب من جميع الفرقاء التعاون من أجل المصلحة اللبنانية، فيما علمت «البيان» أنه قد تم تنفيذ خطوات ميدانية فعالة، مكنت الجيش من السيطرة على الحدود بنسبة تتجاوز الـ70 % باستثناء المعابر الخاضعة للسيطرة السورية.
وثمة كلام عن اختلاط المواقيت التي علق عليها لبنان تواريخ إتمام الاستحقاقات تماشياً مع الاتفاق الذي وافق عليه برعاية أمريكية - فرنسية، وأصبح عالقاً بين كمّاشة مصالح خارجية، لا يبدو فيها تقاطعات حالياً، وأحداث متدحرجة برز فيها الميدان السوري الذي تحوّل إلى تطور هو الأخطر. أما على المقلب الآخر من الصورة، فكلام عن أن المنطقة تعيش على 5 مواقيت على الأقل: توقيت أمريكي، توقيت سوري، توقيت تركي، توقيت إيراني وتوقيت إسرائيلي. وتكمن المعضلة اللبنانية، وفق مصدر سياسي بارز لـ«البيان»، في أن الساعة اللبنانية تحاول أن تُضبط على كل هذه المواقيت في آن واحد، وهذا صعب جداً في السياسة، فما يناسب الأمريكي لا يناسب الإيراني، وما يناسب الإيراني لا يناسب الإسرائيلي، وما يناسب التركي لا يناسب السوري، واللبناني عالق بين كل هذه الألغام المزروعة أمامه.
جولة ميدانية
إلى ذلك، وضمن إطار متابعة تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، جال رئيس لجنة الإشراف الخماسية الجنرال الأمريكي، جيسبار جيفرز، والجنرال الفرنسي، غيوم بونشان، وقائد قطاع جنوب الليطاني العميد الركن إدغار لاوندس، فوق قطاع جنوب الليطاني للاطلاع على الواقع الميداني، على أن تعقد اللجنة اجتماعها الأول مطلع الأسبوع المقبل، وفق ما أعلنت قيادة الجيش. وعشية انطلاق عمل لجنة المراقبة لتنفيذ الاتفاق بين لبنان وإسرائيل، أمس، أبرزت فرنسا تكراراً رعايتها المباشرة إلى جانب الولايات المتحدة للاتفاق، فأصدرت وزارتا أوروبا والشؤون الخارجية والدفاع الفرنسية بياناً دعت فيه فرنسا جميع الأطراف إلى احترام اتفاق وقف النار، على المدى الطويل، ووضع حد لأي أعمال تهدد تنفيذه.
مسار الاتفاق
وقال مصدر حكومي بارز لـ«البيان»، إن مسار اتفاق وقف إطلاق النار سيتضح بدءاً من الأسبوع المقبل، بعدما اكتمل عقد جنرالات لجنة الإشراف والمراقبة، كاشفاً أن أول اجتماعاتها سيعقد الثلاثاء المقبل في الناقورة، بعد تسمية تل أبيب ممثلها في هذه اللجنة. وأكّد المصدر نفسه، أن هذا الاتفاق مهما اهتز فهو لن ينهار، بفعل القرار السياسي الخارجي. وأوضحت مصادر دبلوماسية غربية لـ«البيان»، أن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين لبنان وإسرائيل يحظى برعاية إقليمية ودولية وثيقة، ولذلك ممنوع على أي طرف إسقاطه مهما تعرض للخروقات. وتأكيداً لهذه التغطية، بدأت لجنة المراقبة عملها أمس بنحو ممنهج، بعد اكتمال حاجاتها اللوجستية.