لبنان.. التعيينات الأمنية أول اختبار للعهد الجديد

في أول اختبار للعهد، بجناحيْه الرئاسي والحكومي، أقر مجلس الوزراء اللبناني، التعيينات الأمنية التي جاءت أسماؤها من خميرة التفاهم والتوافق السياسيين..

وذلك، في انتظار جلسات تعيين لاحقة ستقرر من سيحكم في بيت المال اللبناني في أهم مناصب الفئة الأولى، وهو حاكمية مصرف لبنان، حيث ستقع على هذا التعيين بالذات مهام بحجم الانهيار المستمر منذ نحو 6 أعوام، وإعادة هيكلة البلاد وانتظامها مالياً. ويوازي هذا المنصب الركن إعادة هيكلة السلطة القضائية.

وانتظمت المؤسسات الأمنية مجدداً، مع سلّة التعيينات التي أقرها مجلس الوزراء على مستوى قيادة الجيش وأمن الدولة والأمن العام وقوى الأمن الداخلي، في مرحلة تحتاج إلى طاقم أمني متكامل، بلا شغور أو إنابة ووكالة وتمديد.

إذْ، بموجب البند السابع من جدول أعمال جلسة أمس تحت عنوان «تعيينات مختلفة»، تم تعيين كل من: العميد رودولف هيكل قائداً للجيش، العميد حسن شقير مديراً عاماً للأمن العام، العميد إدغار لاوندس مديراً عاماً لأمن الدولة، العميد رائد عبدالله مديراً عاماً لقوى الأمن الداخلي، بعد ترفيعهم إلى رتبة لواء، فضلاً عن تعيين العميد مرشد الحاج سليمان، نائباً لمدير عام أمن الدولة.

تجدر الإشارة إلى أن التعيينات الأمنية تعد نقطة في بحر الشغور الواسع الممتد على مساحة مئات من المراكز الوظيفية من كل الفئات، حيث هناك 47 مركزاً شاغراً في الفئة الأولى.. أما سائر الفئات فمن أصل 600 مركز وظيفي في الفئتين الثانية والثالثة، هناك ما يزيد على 270 مركزاً شاغراً.

ووفق تأكيد مصادر وزارية لـ«البيان»، أتت سلة التعيينات العسكرية والأمنية لتفعيل إعادة تكوين السلطتين العسكرية والأمنية، والأنظار بعد ذلك إلى إعادة تكوين السلطة الدبلوماسية، من خلال التشكيلات الدبلوماسية وملء الشواغر..

وذلك بموازاة الدبلوماسية المقاومة التي يتبعها لبنان لتحرير الأرض وتطبيق القرار 1701.

وتمثل التطور الأبرز في هذا السياق في تشكيل لبنان للجان الـ3 المكلفة حل النقاط العالقة مع إسرائيل، وهو يأتي استكمالاً لتطبيق القرار 1701.

وهذه اللجان، وفق تأكيد مصادر دبلوماسية لـ «البيان»، ليست منفصلة عن القرار 1701، وهي ستهتم بالمسائل العالقة؛ أي الحدود والنقاط الـ5 التي لا تزال تحتلها إسرائيل في الجنوب، وذلك بعيداً عن خوْض مفاوضات مباشرة بين لبنان وإسرائيل.. ذلك أن الدولة واضحة في قرارها، ومفاده، بحسب قول مصدر مطلع لـ«البيان»:

«نفاوض عبر لجان ثلاث، ووفدنا عسكري تقني بحت، على الأقل حتى الساعة، حتى ولو حاولت إسرائيل إقحام دبلوماسيين في وفدها، وهدفنا حل ملف النقاط الـ13 العالقة، كما التلال الخمس والأسرى.. أمّا ما يحكى عن الوصول عبر التفاوض الى تطبيع أو سلام مع إسرائيل، فليس في حسابات الدولة».

تفاوض مالي

وعلى الأهمية الكبيرة واللافتة التي اكتسبتها مقدمات عملية المفاوضات التي ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية بين لبنان وإسرائيل، بشراكة الأمم المتحدة وفرنسا، من أجل استكمال تنفيذ اتفاق وقف الأعمال العدائية وانسحاب إسرائيل انسحاباً تاماً من المواقع التي لا تزال تحتلها في المنطقة الحدودية الجنوبية.

والشروع في التفاوض على النقاط موضع النزاع على الحدود البرية، فإن الأنظار ستتجه لترصد الاتفاق الجديد الذي سيوقعه لبنان مع صندوق النقد الدولي، الذي من المفترض أن يشكل تأشيرة لاستعادة ثقة المجتمع الدولي المالي والاستثماري به.

وذلك في خطوة أساسية منتظرة منذ انهيار أكتوبر عام 2019، وبعدما تنقل وفد الصندوق بين المؤسسات أول من أمس، عارضاً رؤيته لإخراج لبنان من أزمته المالية، وهو ما يتطلب، وفق تأكيد مصادر مطلعة لـ «البيان»، مواكبة الحكومة ومجلس النواب جدياً لإطلاق الإصلاح المنشود.

علماً أن وفد الصندوق طلب من المسؤولين اللبنانيين إنجاز بعض القوانين الضرورية التي تمهد الطريق أمام الاتفاق، ومنها إجراء تعديلات إضافية على قانون السرية المصرفية وإقرار قانون لإعادة هيكلة المصارف. في السياق، علمت «البيان» أن المهلة المعطاة للبنان تمتد حتى أواخر أبريل المقبل، موعد اجتماعات الربيع بين البنك الدولي وصندوق النقد.