وسط ازدحام أجندة لبنان الرسمية باستحقاقات وارتباطات متلاحقة، تتسم طبيعتها بجانب كبير من الأهمية، فإن الاهتمامات الداخلية تركزت في الساعات الأخيرة على ملف تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان، والذي رسا على اسم كريم سعيد، نظراً للأهمية الحاسمة التي تنتظر هذا الاستحقاق مالياً ومصرفياً واقتصادياً. أما أجندة التحركات الدبلوماسية، فرفعت منسوب الاهتمام الخارجي بلبنان، على نحو لافت ستتوالى فصوله قبل عيد الفطر وبعده.
وذلك، بدءاً من دور الموفد الرئاسي الفرنسي، جان إيف لودريان، في نقل مواقف باريس من الأمن الحدودي وملف إعادة الإعمار. علماً أن الضيف الفرنسي جاء في مهمة التحضير لزيارة رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون إلى باريس اليوم.
حيث سيجري محادثات مع الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، تردد أنها ستتركز على ملفي الوضع الحدودي مع إسرائيل والمؤتمر الذي تتأهب باريس لعقده حول إعادة الإعمار.
في السياق، بدا أن التنسيق بين دول المجموعة الخماسية، وتحديداً بين فرنسا والولايات المتحدة، كان ماثلاً في جوانب من جولة لودريان، إذ أفيد أنه شجع من التقاهم من المسؤولين اللبنانيين على إعطاء جواب حول الطرح الأمريكي بشأن المفاوضات، وإبداء إيجابية لجهة تقديم اقتراح وعدم البقاء في مربع السلبية.
منوهاً بأهمية الحفاظ على الزخم الدولي الذي واكب العهد الجديد وتشكيل الحكومة، من خلال تنفيذ الإصلاحات اللازمة، والحفاظ على وحدة اللبنانيين، من أجل تعزيز ثقة المجتمع الدولي والعربي بلبنان وجذب الاستثمارات إليه.
وما بين مضامين كلام لودريان، فإن ثمة كلاماً عن أن كلمة السر الفرنسية وصلت، ذلك أن الضيف الفرنسي أوصل في زيارته للبنان رسالتين: الأولى، دعوة صريحة للتجاوب مع الطرح الأمريكي لجهة تشكيل لجان للتفاوض بين لبنان وإسرائيل، باعتبار أن التطورات والتوازنات تفرض ذلك، أما الرسالة الثانية، فمفادها إرجاء مؤتمر دعم لبنان إلى يوليو المقبل، وذلك للتأكد من نية الحكومة تطبيق الإصلاحات فعلياً.
بالتزامن، يستعد أركان الحكم لزيارة صارت مؤكدة، وفق معلومات «البيان»، لنائبة المبعوث الأمريكي إلى المنطقة، مورغان أورتاغوس بداية أبريل المقبل.
وعُلم أن أورتاغوس ستأتي مزودة بجدية كبيرة وحاسمة في التعامل مع ملف الصراع اللبناني - الإسرائيلي، انطلاقاً من تفعيل وساطة إداراتها بقوة للاقتراحات الـ3 التي سبق لأورتاغوس أن طرحتها حيال النقاط الـ5 التي تسيطر عليها إسرائيل وملف الأسرى اللبنانيين لدى إسرائيل وملف الترسيم البري بين لبنان وإسرائيل، مع ما يعنيه الأمر، وفق قول مصادر سياسية لـ «البيان»، من كون مهمتها الجديدة ستضغط على لبنان للبت في موقفه من التفاوض على مستوى دبلوماسي، الأمر الذي لا يزال لبنان يتحفظ عنه، بل يرفضه.
مصرف لبنان
إلى ذلك، اتجهت الأنظار، أمس، إلى جلسة مجلس الوزراء، والتي كان على جدول أعمالها ثلاثة ملفات ساخنة مرتبطة بالتعيينات: تعيين حاكم مصرف لبنان، تعيين مجلس إدارة تلفزيون لبنان، وتعيين أعضاء المجلس العسكري. وبعد أجواء سلبية سادت الجلسة، على خلفية عدم الاتفاق بشأن تعيين حاكم جديد لمصرف لبنان المركزي، حسم أمر التعيين لمصلحة كريم سعيد، بعد نيله 17 صوتاً من أصل 24 صوتاً في مجلس الوزراء. علماً أن التصويت على هذا البند كان يحتاج إلى أكثرية الثلثين لتمريره.
أما المعطيات، فأشارت إلى تباين ضمني حيال اسم سعيد، وأن الرئيس نوّاف سلام لم يبدُ مؤيداً لتعيينه، إذ اعتبر أن في ذلك تحدياً لموقعه في سدة الرئاسة الثالثة، وشدّد في الوقت عينه على تمسكه بالتوافق حول التعيين من ضمن الآلية وأن يكون التصويت «آخر الكيّ»، وهذا ما حصل.