لبنان في عين عاصفة الضغوط والسيناريوهات الصعبة

غداة عودة الضاحية الجنوبية لبيروت لدائرة الاستهداف الإسرائيلي، من دون سابق إنذار، وللمرة الثانية في أقل من أسبوع، عاد الهاجس الأمني وبقوة إلى صدارة الاهتمامات، فيما وصفت مصادر مراقبة الوضع بين «حزب الله» وإسرائيل بـ«الجمر تحت الرماد» على وقع احتمال اندلاع الحرب في أي لحظة.

فيما ستكون هذه المرة أشد ضراوة بسبب وجود دعم واضح من الولايات المتحدة لإسرائيل. وعلى وقع استمرار إسرائيل في التصعيد، وإدخال بيروت عبر الضاحية الجنوبية مجدداً إلى كرة النار.

وفيما توحي المعطيات كافة إلى جملة شروط أمريكية ضاغطة ستعززها الموفدة الأمريكية، مورغان أورتيغاس، أمام المسؤولين اللبنانيين، يترقب لبنان المسار التفاوضي، على الرغم من ثبات موقفه الرسمي لجهة عدم التعاطي مع إسرائيل، والتأكيد أولاً على ضرورة انسحابها من المواقع التي تسيطر عليها في الجنوب.

ومنذ بدء وقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل، وحتى استهداف الضاحية الجنوبية مجدداً، فإن 5 أشهر مرت، فما الذي تغير حتى عاد استهداف الضاحية، لاسيما أن تل أبيب لم تتوقف خلال هذه الفترة عن اتهام «حزب الله» بإعادة تكوين ترسانته، ولبنان الرسمي بعدم تنفيذ شروط وقف إطلاق النار؟

وفي معرض الإجابة عن هذا السؤال، يجدر التذكير بأن الضربة الأولى على الضاحية جاءت رداً على إطلاق 3 صواريخ من منطقة جنوبية تبعد نحو 6 كيلومترات عن الحدود، والثانية بذريعة أن المستهدف كان يحضر لعملية ضد إحدى الطائرات الإسرائيلية في قبرص.

أما المعلومات، فتتقاطع حول عاملين رئيسيين، أولهما تصاعد التوتر بشأن ضرب إيران، ما قد يشعل مواجهة إقليمية تعيد طهران خلالها تفعيل عمل حلفائها، وعلى رأسهم «حزب الله»، وما استهداف الضاحية سوى محاولة استباقية لتحييد أي تهديد محتمل من الحزب.

وهذه المحاولة هي، بالتعريف الإسرائيلي، عملية استباقية ضربت فيها طائراتها الحربية حسن بدير، أحد عناصر الوحدة 3900 في «حزب الله» و«فيلق القدس»، واتهمته بالتحضير لعمل إرهابي على المدى الزمني الوشيك ضد إسرائيليين، وقالت إنها قتلته بشكل فوري بغية إزالة هذا التهديد.

أما العامل الثاني، فيربطه متابعون بارتفاع الضغوط الأمريكية على لبنان بشأن ترسيم الحدود البرية مع إسرائيل، بعد رفض بيروت حتى الساعة، مطالبة واشنطن إياها برفع مستوى تمثيل الوفد المفاوض ليضم دبلوماسيين، وذلك قبيل عودة نائبة المبعوث الرئاسي الأمريكي إلى المنطقة.

وعليه، ووفق مصادر سياسية متابعة لـ«البيان»، يبدو أبريل الجاري الأشد حماوة بعد اتفاق الهدنة الموقع في 27 نوفمبر الماضي.. ذلك أن إسرائيل تكمل حربها ضد «حزب الله»، والأخير يصرح عبر نوابه وكوادره بأنه استعاد عافيته وبات قادراً على المواجهة من جديد.

رسائل

ووسط هذه المخاطر، وغداة تحرك الموقف الرسمي بشكل لافت، لجهة العمل على تطبيق التزامات لبنان الدولية والعربية في آن، هناك رسائل واضحة تصل إلى الدولة اللبنانية من واشنطن، تدعو إلى تشكيل لجان دبلوماسية بين لبنان وإسرائيل لبحث الملفات العالقة، والانطلاق نحو السلام، إذا سارت الأمور كما يجب.

في المقابل، تشكو الدوائر الرسمية من ارتفاع منسوب الضغط على المسؤولين من الدول الغربية، لضرورة إجراء إصلاحات وتسليم «حزب الله» سلاحه في جنوب الليطاني وشماله وكل الأراضي اللبنانية، والانطلاق نحو مسار الاتصال الرسمي مع إسرائيل، وصولاً إلى التطبيع.

إرباك

وما بين المشهدين، فإن ثمة كلاماً عن أن الدولة اللبنانية تعيش إرباكاً في هذا المجال، فمن جهة لم تحسم أمرها تجاه «حزب الله» وتطالبه بسحب سلاحه، وتتصرف وكأن لا سلطة له على القرار اللبناني، ومن جهة ثانية لا يمكن للدولة أن تقول لا في وجه المجتمع الدولي، لأن الطائرات الإسرائيلية تحلق في سماء لبنان، ولا قدرة للبلد على مواجهة الحرب الجديدة.

كما لا يمكنه مواجهة كل هذه الضغوطات، بسبب رغبته في الحصول على مساعدات دولية لدعم الجيش والأجهزة الأمنية والمباشرة في خطة التعافي الاقتصادي.