في مقابل إمعان إسرائيل في توسيع دائرة انتهاكاتها، واستباحة مختلف المناطق اللبنانية، غير آبهة بما التزمت به حين وقعت على اتفاق وقف النار مع لبنان قبل 3 أشهر ونيف، يبدو لبنان في مربع الانتظار والترقب لما ستؤول إليه التطورات الخارجية المتسارعة، وهو بوضعه الراهن، وعلى ما يقول أحد الخبراء لـ«البيان»، محكوم بالاستعداد للتعامل مع كل الاحتمالات، والتفرغ الجدي لمراكمة عناصر التحصين الداخلي بتسريع الإجراءات الآيلة إلى تعزيز استقراره سياسياً، وإنهاضه إصلاحياً واقتصادياً، دون إغفال العامل الإسرائيلي وما قد يبدر منه من محاولات ومفاجآت ومخاطر عدوانية.
وإذا كان لبنان يترقب نتائج لقاء العمل الديبلوماسي الأمريكي- الإيراني، نظراً لانعكاساته على الأجندات الداخلية، لجهة المساهمة في حلحلة ملفات خلافية، أبرزها موضوع سلاح حزب الله، فإن على المقلب الآخر من الصورة كلاماً عن أن لبنان، الذي ينتظر هذه النتائج، يشهد بدوره تطورات متسارعة، فالقوانين الإصلاحية التي يُفترض به إقرارها قبل 21 من الجاري متأخرة حتى الساعة.. فهل يقبل صندوق النقد الدولي بالاكتفاء بمجرد إقرار الحكومة لهذه القوانين من دون إقرارها في مجلس النواب؟ أما سلاح حزب الله، والتفاوض لتسليمه، فمرتبط بإجابة تأتي من إسرائيل وحدها: هل تقبل بالانسحاب من التلال الـ5، وتسليم الأسرى، والتفاوض الجدّي حول النقاط الـ13 المتنازع عليها، لينطلق حينها فقط حوار داخلي حول السلاح؟
وفي معرض الإجابة عن هذين السؤالين، تجدر الإشارة إلى أن ثلاثية الأمن والإصلاح وإعادة الإعمار تختصر الأجندة اللبنانية هذه الأيام.
فالحراك الدولي، بشقيه الغربي والعربي تجاه لبنان، يظهر ربطاً واضحاً ما بين حصر السلاح بيد الدولة، وبين رفع الحظر عن تمويل إعادة الإعمار وإطلاق مسار الاستثمارات الخارجية في لبنان.
علماً أن البيان الوزاري لحكومة الرئيس نوّاف سلام أكد حصر السلاح بيد الدولة.
وفي الإطار، أفيد أن رئيس الجمهورية، العماد جوزيف عون، يجري مشاورات مع رئيس مجلس النواب نبيه بري حول موضوع سلاح حزب الله، ومع الحزب بصورة غير مباشرة، تمهيداً لعقد الحوار الوطني حول استراتيجية الدفاع الوطنية، وبما يؤمن إجماعاً وطنياً حول حماية لبنان.
ووفق مراقبين، فإنه من غير المستبعد أن تُترجم هذه الأجواء إلى خطوات عملية على الأرض، ومنها أن يتم الإعلان في فترة لاحقة عن تسلم الجيش اللبناني لمواقع أو مخازن أسلحة للحزب بموافقة الأخير، وذلك لتوجيه رسالة طمأنة إلى الوسيط الأمريكي بالتزام لبنان بالقرار 1701، وليكون ذلك تتويجاً لمسار تصاعدي من الإجراءات الميدانية التي بدأها الجيش اللبناني منذ أسابيع بهذا الاتجاه.