في الوقت الذي يطفئ فيه كل اللبنانيين، اليوم، شمعة الذكرى الـ 50 لاندلاع الحرب الأهلية، تتلاحق الخطوات الرسمية والقضائية التي تتصل بالملفات الرئيسة، وفي مقدمها ملف سلاح حزب الله، وملف التحقيق في انفجار مرفأ بيروت.
وقد كان لرئيس الجمهورية العماد جوزاف عون كلمة بالمناسبة، ذكّرت بالمآسي التي مرت على لبنان، وبالثمن الباهظ الذي دفعه البلد والشعب من جراء الحروب، داعياً إلى استخلاص العبر، واستغلال الفرص، وأهمها الفرصة المتاحة حالياً لإعادة بناء الدولة.
وتزامناً، اتخذ الموقف الجديد الذي عبّر عنه رئيس الحكومة نواف سلام، دلالات مهمة إضافية، خصوصاً لجهة إعلانه أن لا دولة حقيقية إلا في احتكار القوات المسلّحة الشرعية للسلاح.
وهكذا، فإن ملف استكمال بسط سلطة الدولة واحتكارها للسلاح، الذي صار في الآونة الأخيرة الملف شبه الأحادي الذي يحتل الأولوية المتقدمة، اتخذ أبعاداً سياسية ووطنية ومعنوية واسعة، وذلك في تزامن تقدم تداوله مع إحياء الذكرى الـ 50 لاندلاع الحرب في لبنان، نظراً إلى الظروف المفصلية التي يقف عندها لبنان اليوم في مسائل السلاح والحرب والسلم، بعد الحرب المدمرة الأخيرة التي كانت أرضه مسرحاً لها.
وفي ظل هذه المعطيات، ولكي تكون الذكرى لحظة للتفكير بعبر الماضي، وحافزاً لغد أفضل، دعا الرئيس سلام إلى دقيقة صمت وطنية شاملة، ظهر اليوم، حيث تتوقف فيها الحركة في كل مكان، ليجتمع اللبنانيون تحت شعار «منتذكّر سوا، لنبني سوا».
مسار
وإذ تترقب الأوساط السياسية والشعبية مآل الجدل المتسع حيال الآلية التي يُفترض أن تبلورها الدولة في ملف نزع سلاح حزب الله، يبدو من الواضح لمراقبين أن هذا الاستحقاق بات بمثابة المسار الذي يشكل المحور الأساسي الذي تتوقف عليه الصورة المقبلة للبنان، سواء على الصعيد الأمني والحدودي، أو على الصعيد الاقتصادي، بعدما ربط الدعم الخارجي للبنان بملف نزع السلاح.
وعليه، فإن ثمة كلاماً عن أن الدولة اللبنانية تعيش إرباكاً في هذا المجال، فمن جهة لم تحسم أمرها تجاه «حزب الله»، وتطالبه بسحب سلاحه، وتتصرف وكأن لا سلطة له على القرار اللبناني، ومن جهة ثانية، لا يمكن للدولة أن تقول لا في وجه المجتمع الدولي، لأن الطائرات الإسرائيلية تحلق في سماء لبنان، ولا قدرة للبلاد على مواجهة الحرب الجديدة، كما لا يمكنه مواجهة كل هذه الضغوطات، بسبب رغبته في الحصول على مساعدات دولية لدعم الجيش والأجهزة الأمنية، والمباشرة في خطة التعافي الاقتصادي.
واللافت في هذا السياق، ما تكشفه مصادر رفيعة المستوى لـ«البيان»، عن اطلاع جهات مسؤولة على مضمون تقرير دبلوماسي غربي، يركز على أن أولوية الإدارة الأمريكية في هذه المرحلة، هي نزع سلاح حزب الله، وانخراط لبنان في مسار مفاوضات مع إسرائيل، وصولاً إلى ترتيبات تعزز الأمن والاستقرار بصورة دائمة على جانبي الحدود.
علماً بأن موقف لبنان ثابت ومعروف حيال كل ما يطرح، لا سيما لجهة التزامه الكامل باتفاق وقف إطلاق النار، وبمندرجات القرار 1701، وبتنفيذ كل ما هو مطلوب منه لإنجاح مهمة الجيش وقوات «اليونيفيل» في منطقة جنوبي الليطاني.
أما موضوع السلاح، فمصيره مرتبط بالحوار الذي يجب أن يحصل حول الاستراتيجية الوطنية للدفاع. وعليه، فإن ثمة إجماعاً على أن لبنان سيكون تحت المجهر الأمريكي والدولي في الأيام والأسابيع القليلة المقبلة، والعنوان واحد: الخصوصية اللبنانية لا يجب أن تحول دون معالجة مسألة السلاح، ودون تحقيق الإصلاح المنشود.