غداة «المؤتمر الدولي لدعم لبنان وسيادته»، الذي انعقد في باريس يوم الخميس الفائت، وأطلق حركة دبلوماسيّة ناشطة، ورفد بيروت بمليار دولار، وتزامناً مع التحرّك المتواصل لرئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، الذي أتبع مشاركته في مؤتمر باريس بزيارتين للندن، حيث عقد اجتماعاً مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، ثم قام بأول زيارة لرئيس حكومة لبناني إلى إيرلندا المشاركة في قوّة «اليونيفيل»، كان لافتاً ما أعلنه الموفد الرئاسي الأمريكي، آموس هوكستاين، الذي أبدى اعتقاده أنه يمكن إنهاء الحرب بين إسرائيل ولبنان وفق القرار 1701، واعتبر أن «إسرائيل وحزب الله يتبادلان الاتهامات بعدم التزام القرار 1701، والحقيقة أنهما لم يلتزما به»، مشدّداً على ضرورة السماح للقوات المسلّحة اللبنانية بالانتشار فعلياً في جنوب لبنان والقيام بوظيفتها.
ووسط احتدام الحرب على الحدود وفي الأعماق اللبنانية والإسرائيلية، كان الرئيس ميقاتي حطّ في لندن، أول من أمس، حيث اجتمع مع وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكن، وأكد أمامه أولويّة وقف إطلاق النار وردع العدوان الإسرائيلي، خصوصاً وأن «هناك أكثر من مليون وأربعمئة ألف لبناني نزحوا من المناطق التي تتعرّض للاعتداءات»، وفق قوله، مع تشديده على «التزام لبنان بتطبيق القرار 1701 كما هو، من دون تعديل».
من جهته، أكد بلينكن أن بلاده ما زالت «تسعى للحلّ الدبلوماسي لوقف فوري لإطلاق النار، والتزام كلّ الأطراف بالقرارات الدولية التي تضمن الاستقرار في المنطقة»، مشدّداً على أهمية الدور المناط بالجيش في تنفيذ القرار 1701 و«التوصّل إلى حلّ دبلوماسي للنزاع القائم ووقف العنف».
وما بين الموقفين، أعلن مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أن المجتمع الدولي «يجب أن يسرّع جهوده لإيجاد حلّ سياسي في لبنان، حيث تتواجه إسرائيل مع حزب الله، لتجنّب أن يحتدم النزاع بشكل معمّم»، وقال: «نحن في سِباق مع الزمن بين إمكان إطلاق مسار سياسي في لبنان واحتدام للوضع بشكل معمّم لا تُحصى تداعياته».
ومعتبراً أن «استعادة سيادة لبنان تقتضي نشر الجيش في الجنوب»، حمّل بوريل إيران و«حزب الله» مسؤولية عدم تنفيذ القرار 1701.
أمّا في المنحى المتّصل بالمساعي الدبلوماسية لوقف النار وإطلاق المفاوضات لتسوية حلّ دائم، فإنّ المعطيات المتوافرة لا تشير إلى أيّ تفاؤل وشيك، خصوصاً أن الأنظار عادت تتركز على احتمال نشوب مواجهة إقليمية واسعة، في ضوء الردّ الإسرائيلي على إيران أمس، مع ما يعنيه الأمر من كون انتهاء الانتظار فتح الباب على تحليل أدقّ للمرحلة المقبلة إقليمياً، مع ما يرتبه ذلك من احتمالات وتداعيات يبدو الجميع في حالة ترقب حذرة حيالها.
ذلك أن التطوّرات العسكرية الميدانية المتلاحقة تشي، بحسب قول مصادر لـ«البيان»، بأنّ وقف إطلاق النار الذي يُعمل على التوصّل إليه ليس قريباً، على رغم من بعض المواقف الأمريكية التي تتحدث عن «حلّ دبلوماسي» تعمل واشنطن للتوصل إليه، إلى جانب سعي مماثل لوقف إطلاق نار في غزّة، ربما يفتح الباب أمام وقف نار مماثل في لبنان.
وكشفت مصادر دبلوماسية لـ«البيان» أنّ العقدة الأساسية التي حالت دون وصول «مؤتمر باريس» إلى النتائج المتوخاة في دعم لبنان سياسياً، هي تمسّك واشنطن بشرطها المتمثل بضرورة استجابة الحكومة اللبنانية بالتسوية السياسية التي تطرحها لوقف الحرب، والتي تستند إلى إعلانها الموافقة على تطبيق القرارات الدولية، وتحديداً الـ1701 والـ1559 والـ1680.
وفي هذا الشأن، ووفق المصادر، يتباين موقف واشنطن مع باريس التي تدعو إلى التمّسك بالقرارات الدولية، لكنها تبدي تفهماً أكبر للتصوّر اللبناني للتسوية، وتستعجل وقف الحرب.