إسرائيل ولبنان.. هجوم متواصل لتحقيق فكرة التفاوض تحت النار

واحدة من عمليات القصف المتكررة على بلدة الخيام الجنوبية|
واحدة من عمليات القصف المتكررة على بلدة الخيام الجنوبية|

من غزة إلى لبنان، يعيد الجيش الإسرائيلي سيناريو حرب برية محدودة ذات أهداف محددة، حيث إن المقاربة العملياتية تحمل عوامل مشتركة، وبات اجتياح لبنان برياً استنساخاً لسيناريو غزة، علماً بأنه عندما بدأ الجيش العملية البرية قال حينها أيضاً إنها محدودة، وبدأ المرحلة الأولى، ثم المرحلة الثانية، وصولاً لإجبار السكان إلى النزوح القسري إلى رفح، ثم وصل إلى معبر فيلادلفيا رغم وجود اتفاقات.

تهجير

المعطيات السياسية والاقتصادية والعسكرية في المنطقة حسب تصريحات عدد من المسؤولين الإسرائيليين تشير إلى أن تل أبيب قد استقرت عند خطة استراتيجية بدأت بتنفيذها، ولعل المرحلة الانتقالية في السلطة السياسية الأمريكية في ظل التحضير للانتخابات الرئاسية في نوفمبر توفر ظرفاً مناسباً للاستراتيجية الإسرائيلية بمحاولة تكرار مسلسل تهجير الفلسطينيين وتطبيقه في لبنان.

وما يدعو إلى مزيد من المخاوف أن إسرائيل استخدمت في حربها المتصاعدة ضد لبنان سلاح التهجير والنزوح للمدنيين والإصرار على المواجهات المفتوحة، دون مراعاة الجهود الديبلوماسية.

حيث إن نصف مليون لبناني نزحوا من أماكن سكنهم، هرباً من القصف، في حين أن مليوني فلسطيني ينزحون منذ بدء الحرب، وبدأ الساسة في تل أبيب يتحدثون عن منطقة عازلة في جنوب لبنان، فهو لا يقصد منطقة خالية من المسلحين أو السلاح، بل هو يقصد منطقة خالية من أي وجود سكاني، حسب عدد من المحللين.

اختراق أمني

في المقابل، هناك تحليل آخر يشير إلى أن هدف إسرائيل من مناورة برية في العمق اللبناني إبعاد عناصر «حزب الله» عن الحدود، في ظل الانكشاف الأمني والمخابراتي، الذي يعاني منه الحزب، ما يعرضه لضربات لا تتوقف بعدما نجحت إسرائيل في اختراقه أمنياً وتكنولوجيا الحزب.

والتي كان أبرزها تفجيرات «البيجر» واغتيالات القيادات العليا، وصولاً إلى اغتيال الأمين العام للحزب، حسن نصرالله، وتفكيك منظومة الصواريخ، فإسرائيل تريد استثمار الوضع لصالحها، و«نقل الثقل» إلى الشمال.

لم تتضح المدة التي ستستغرقها إسرائيل داخل أراضي لبنان أو ما إذا كانت العملية البرية ستكون أشبه بسلسلة عمليات توغل كبيرة، لكن يبدو أن الجيش «الإسرائيلي» يفضل التصعيد، لكن بشكل متدرج.

وينتظر أن تُصبح الصورة أوضح بهذا الخصوص، وما يدعو إلى مزيد من المخاوف أن كثيراً من التسريبات الإسرائيلية تتحدث عن أن الظروف مواتية لإمكانية تحقيق تلك الاستراتيجية.

معطيات مختلفة

ولا شك في أن المعطيات مختلفة الآن على التوغل البري عام 2006، حيث كان محدوداً، وبوتيرة بطيئة نسبياً مقارنة بعام 1982، واقتصر على البلدات اللبنانية القريبة ومحيطها ضمن الشريط الحدودي، وبعمق لا يتعدى بضع كيلو مترات داخل لبنان، إذ أعقب هجوماً لـ«حزب الله» على الحدود مع إسرائيل، تمكن خلاله من قتل وأسر جنود إسرائيليين، ما دفع إلى حرب استمرت 5 أسابيع.

لكن الحرب الحالية في لبنان جاءت بعد تخطيط مدروس مند سنوات، فإسرائيل ستحاول كما قال رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو: «التفاوض تحت النار»، وتصعيد الاعتداءات، والاستفادة قدر الإمكان من المهلة الزمنية، التي تفصلنا عن الانتخابات الرئاسية الأمريكية لتحقيق أهدافها، لكن من الصعب الذهاب إلى جولتين قتاليتين في آن معاً.