ترامب وحرب لبنان.. شهران حاسمان ومصيريان في آن

تصاعد الدخان من موقع غارة جوية إسرائيلية على قرية كفركلا في جنوب لبنان
تصاعد الدخان من موقع غارة جوية إسرائيلية على قرية كفركلا في جنوب لبنان

لليوم الثاني على التوالي، حافظ الاهتمام اللبناني على وتيرته بنتائج الانتخابات الأمريكية، وبقي التقييم متصلاً بمدى التزام فريق دونالد ترامب، المرشح الفائز في الماراثون، بوضع تعهداته بإنهاء الحرب في لبنان موضع التنفيذ، في حين أشارت مصادر سياسية متابعة لـ«البيان»، إلى أن نتائج هذه الانتخابات على لبنان لابد من أن تظهر بعد فترة، على أن يبرز في هذا السياق ترجمة موقف الرئيس ترامب لوقف الحرب في لبنان.
وعلى ما بدا جلياً، فإن العالم انضبط سريعاً على إيقاع هذا الحدث.

وبدأ يحضر أوراق وخرائط التعامل مع إدارة ترامب في السنوات الأربع المقبلة، لاسيما فيما يخص الملفات الإقليمية والدولية والنقاط الساخنة والمشتعلة في أكثر من ساحة. أما لبنان الرسمي، وإن كان قد قام بواجبه البروتوكولي بتقديم التهنئة للرئيس الأمريكي الجديد، وقرنها بطلب المساعدة الأمريكية الفاعلة على وقف الهجوم الإسرائيلي.

، فبدا بحسب مصادر مراقبة، كأنه متموضع في مربع الحذر الشديد، يتجاذبه من جهة، تعويل على ترجمة ترامب لوعده بإنهاء الحروب، بما يشمل إنهاء هجوم إسرائيل على لبنان، ومن جهة ثانية، قلقٌ وتخوف كبيران من أن مصلحة إسرائيل التي تلتزم بها كل الإدارات الأمريكية، بما فيها إدارة ترامب، قد تقتضي سياسات جديدة - قديمة تزيد الضغوط على لبنان.

وفي مقابل ارتفاع منسوب الكلام عن أن الهجوم الإسرائيلي على لبنان مرشح للتصعيد من دون ضوابط، انشغل الداخل بمضمون ما كشفه رئيس مجلس النواب نبيه بري، وتحديداً لجهة قوله إن ترامب، وقبيل انتخابه رئيساً، وقّع على تعهد خطي على وقف إطلاق النار في لبنان فور فوزه.

وما بين المشهدين، برزت دعوة البعض إلى مقاربة واقعية لعودة ترامب إلى البيت الأبيض، وعدم الإفراط في تكهنات تفاؤلية أو تشاؤمية، أو فرضيات قد لا تكون واقعية، قبل وضوح وجهة الإدارة الأمريكية الجديدة، وكيفية مقاربتها للملفات المتفجّرة على أكثر من ساحة دولية.

لاسيما في الشرق الأوسط. وفي موازاة ذلك، برزت مقاربة تشاؤمية لدى البعض الآخر، ممن عبروا عن خشيتهم من أن يكون لبنان أمام فترة شديدة التعقيد والتصعيد.

شهران صعبان

إلى ذلك، فإن ثمّة كلاماً عن أن فرص الحل الدبلوماسي، على جبهة لبنان تحديداً، لا تبدو ممكنة خلال الفترة الفاصلة من الآن وحتى تسلم ترامب مهامه الرئاسية في 20 يناير المقبل. وفي سياق متصل، يستبعد مسؤول رفيع فرضية بلوغ حل دبلوماسي مع إدارة بايدن.

وذلك من خلال قوله لـ«البيان»: نظرياً، إدارة بايدن تتمتع بكامل صلاحيتها، ولكنها لا تملك قدرة تسويق حل، حتى ولو أعادت إيفاد آموس هوكشتاين من جديد إلى إسرائيل ولبنان..

فهي عندما كانت بكامل فعاليتها لم تتمكن من ذلك، فكيف لها الآن أن تحقق ذلك في فترة انتقالية منقوصة الفعالية فيها وتعاني ذروة الضعف، وأكثر من ذلك مثقلة بهزيمة انتخابية. وفي رأي المسؤول عينه، فإن الفترة الممتدة حتى بدء ولاية ترامب ميتة سياسياً، إلا أنّ المقلق فيها أنّها قد تكون حبلى باحتمالات وسيناريوهات شديدة الصعوبة والخطورة.

حيث من غير المستبعد أن يعمد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو خلالها إلى توسيع الحرب والصراع، في محاولة منه لفرض وقائع ومعادلات جديدة على جبهة لبنان، لم تمكّنه المقاومة من تحقيقها، ما يعني أنّ الشهرين المقبلين السابقين لـ20 يناير المقبل حاسمان ومصيريان في آن.

رسالة حاسمة

وفي الانتظار، لم يحجب ربط أي تطور حربي في لبنان بانتخاب ترامب رئيساً جديداً للولايات المتحدة الأمريكية دلالات التوظيف الإسرائيلي المفرط في العنف والتصعيد على الجبهة اللبنانية، الذي لاقى به نتنياهو انتخاب حليفه المفضل.

ولم تقف الدلالات على التوظيف السياسي والحربي والعسكري، ولكنها تجاوزته إلى منحى دموي متدحرج، أودى بعشرات الضحايا في أتون مجازر متعاقبة في أقل من 72 ساعة..

حتى أن الموجات المخيفة من الغارات الإسرائيلية التي ضربت بعنف مناطق عدة، لاسيما في بعلبك - الهرمل، بدت وفق قراءات عدّة، كأنّها الرسالة الحاسمة بعدم وجوب التعويل على أي وقف نار أو تسوية، أو حتى أي تحريك محتمل للوساطة الأمريكية السابقة، التي صار مصيرها مطروحاً بجدية، بعدما هُزم بقوة الحزب الديمقراطي في المعركة الرئاسية، وبدأ العد العكسي لنهاية مسؤولية الموفد الأمريكي آموس هوكشتاين، لدى انتقال الرئاسة إلى الرئيس ترامب في 20 يناير المقبل.

حرب سنوات

ولعل المخاوف من تمادي الحرب لم تقف على هذه الوقائع فقط، بل استندت أيضاً إلى كلام خطير أطلقه وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، يوآف غالانت، بعدما أقاله نتنياهو، إذْ تخوّف بنفسه من حرب لسنوات. وفي الانتظار أيضاً، فإن الواقع الميداني والحربي لا يعكس انتصارات في بلاد تتحوّل إلى رماد، وضحاياها تخطت أرقامها، وفق وزارة الصحة، الــ3060 قتيلاً وأكثر بكثير من 13 ألف جريح.. فهل سيتوقف نهر الدم؟، وهل لدى اللبنانيين الثقة بتنفيذ وعود الرئيس الأمريكي المنتخب؟