مع اشتداد المعارك بين الجيش السوداني، الذي يكثف هجومه لاستعادة السيطرة على العاصمة الخرطوم، وقوات الدعم السريع، التي تحاول التماسك مع هجمات الجيش، يعيش المدنيون المحاصرون في بعض مناطق الخرطوم أوضاعاً إنسانية بالغة التعقيد، في ظل انعدام للخدمات الضرورية، وشح في الغذاء والدواء.
ففي منطقة جنوب الحزام الواقعة جنوبي العاصمة الخرطوم تفاقمت الأزمة الصحية بعد خروج المشفى الوحيد في المنطقة عن الخدمة، مما زاد من معاناة السكان، خاصة مع إغلاق أكثر من خمس عيادات خلال الأسبوعين الماضيين، بعد تعرضها لعمليات سرقة شملت الأجهزة والمعدات الطبية، كما اضطر أكثر من عشرة أطباء إلى مغادرة المنطقة، بعد تعرضهم لمضايقات ونهب ممتلكاتهم من قبل مسلحين.
تحذير
وتحذر غرفة طوارئ منطقة جنوب الحزام من أن مرضى الأمراض المزمنة يواجهون خطراً حقيقياً يهدد حياتهم، خاصة في ظل الانعدام التام للأدوية الأساسية، مثل الأنسولين وأدوية الضغط، وناشدت الغرفة الأطراف المتنازعة بفتح ممرات آمنة، تتيح دخول المساعدات الإنسانية لإنقاذ الوضع الصحي المتردي. وتقول منظمة الصحة العالمية إن انعدام الأمن يجعل تقديم الرعاية الصحية أكثر صعوبة.
فأكثر من ثلثي المستشفيات الرئيسية في المناطق المتضررة أصبحت خارج الخدمة، والمستشفيات التي لا تزال تعمل معرضة لخطر الإغلاق، بسبب نقص الموظفين الطبيين والإمدادات والمياه النظيفة والكهرباء. كما أن الهجمات المتكررة على مرافق الرعاية الصحية تمنع المرضى والعاملين الصحيين من الوصول إلى المستشفيات، والحصول على العلاج، حيث يتم استهداف المرافق الصحية والمستودعات الطبية ونقل الإمدادات والعاملين الصحيين.
كما تعطل نظام مراقبة الأمراض، مما يشكل تحدياً خطيراً للكشف عن تفشي الأمراض المعدية وتأكيدها. وتدفع الحرب البلاد إلى أزمة صحية ناشئة، مع الانتقال من عبء مزدوج إلى رباعي من الأمراض، بما في ذلك الأمراض المعدية وغير المعدية والإصابات الجسدية والصدمات.
بيانات
وتشير بيانات وزارة الصحة الاتحادية السودانية إلى أن أكثر من 30 % من المستشفيات العامة لم تعد في الخدمة، وعانت ولاية الخرطوم، مركز الصراع، من أكبر التأثيرات على نظامها الصحي. ومع اندلاع الصراع المسلح لجأ الآلاف من السكان والمرضى من ولاية الخرطوم إلى ولاية الجزيرة، الواقعة على بعد نحو 200 كيلومتر جنوب شرق الخرطوم. وعلى غرار ولاية الخرطوم.
حيث أجبر 58.5 % من المستشفيات العامة على الإغلاق، أدى توسع الصراع إلى ولاية الجزيرة إلى تكرار الهجمات ونهب المرافق الطبية. ونتيجة لذلك أغلقت العديد من المستشفيات في ولاية الجزيرة (56.2 % من المستشفيات العامة).
في السياق توقفت وسائل النقل والمواصلات الداخلية، بما في ذلك (الركشات)، نتيجة تعرض عدد كبير من السائقين لعمليات نهب من قبل المسلحين، ومع تزايد هذه الاعتداءات اضطر السكان إلى الاعتماد على عربات الكارو، التي تجرها الدواب كونها وسائل بديلة للتنقل والحركة داخل المنطقة