يهدد الصراع الدامي المحتدم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع الزراعة لموسمين، ما أدى إلى خروج مساحات واسعة عن دائرة الإنتاج، بمثل ما خرج ملايين السودانيين عن دائرة العمل بعد أن فقدوا مصادر دخلهم، وسط تحذيرات أممية من كارثة مجاعة هي الأسوأ على مستوى العالم، إذ يواجه أكثر من نصف سكان السودان مستويات مرتفعة من «انعدام الأمن الغذائي الحاد»، وفقاً لما أوردته تقارير وكالات الأمم المتحدة المعنية.
بعد أن تمددت دائرة الحرب إلى مناطق الإنتاج الزراعي بولايتي الجزيرة وسنار، تملكت المزارعين في ولاية القضارف المخاوف، لا سيما وأن ولايتهم تضم أكبر المساحات لإنتاج الحبوب، ولكنهم رغم كل تلك الهواجس استطاعوا أن يكملوا موسم الزراعة، ويبدأوا عملياً في حصاد محصول السمسم ذي التكاليف العالية بعد أن رفعت الدولة يدها بشكل كامل عن دعم الزراعة.
تحديات ومخاوف
لم يخفِ الحاج أحمد وهو مزارع بولاية القضارف هواجسه من انتقال القتال إلى ما تبقى من مناطق الإنتاج، غير أنه أكد لـ«البيان» أنهم لن يتوقفوا عن استكمال ما بدأوه من عمل خلال هذا الموسم، أو ترك حرفة الزراعة مهما كانت الظروف فهي بمثابة الحياة لهم، ويضيف «بدأنا الموسم في ظل ظروف صعبة، ومخاوف أمنية، ولكن لا يمكن أن نترك الزراعة».
ويؤكد أحمد أن أبرز التحديات التي واجهت المزارعين ولا تزال تقف عائقاً أمام عملية الزراعية تتمثل في ارتفاع مدخلات الإنتاج خاصة بعد أن رفعت الدولة يدها عن دعم الزراعة، ويسبق ذلك الوضع الأمني فيظل الصراع الدموي بمناطق الإنتاج الزراعي.
وانعكاساته السالبة على تكاليف الزراعة، ويلفت إلى أن الوقود تضاعف سعره منذ بداية الموسم وحتى الآن حوالي أربع مرات، ليتجاوز سعر برميل الجازولين الـ700 ألف جنيه، في حين تخلى الكثير من المزارعين عن استخدام المبيدات نسبة لارتفاع أسعارها.
تلاعب في الأسعار
ومع بداية عمليات الحصاد يقول أحمد تجاوزنا الكثير من الصعوبات وشرعنا في حصاد محصول السمسم، ولكن ما زال الدور الحكومي مفقوداً، إذ يكشر تجار الأزمات وسماسرة السوق عن أنيابهم للتلاعب بأسعار المحاصيل مستغلين حوجة المزارعين لسداد ما عليهم من ديون، ما يتطلب من السلطات التعامل بشكل صارم لمحاربة التلاعب في أسعار المحاصيل وضبط عملية التسويق.
آثار كارثية
وعلى الرغم من التحديات التي واجهت الموسم الزراعي الحالي إلا أن مزارعين سودانيين توقعوا لـ«البيان» إنتاجية عالية لمحاصيل الحبوب من ذرة وسمسم وغيرها، وأرجعوا تلك المعدلات العالية للأمطار في جميع مناطق الإنتاج الزراعي المطري.
وشددوا على أن أكثر ما يقلق مضاجعهم يتمثل في الأوضاع الأمنية واستمرار الحرب التي أفرزت آثاراً كارثية على البلاد، جراء الأضرار الجسيمة التي أصابت قطاعات الإنتاج المختلفة.
واستهدفت ولاية القضارف شرقي السودان في خطتها للموسم الحالي مساحة 7,5 ملايين فدان، خصصت منها 5,5 ملايين فدان لزراعة محاصيل الأمن الزراعي (ذرة رفيعة ودخن)، فيما خصص المتبقي لزراعة محاصيل الحبوب الزيتية من سمسم وفول وعباد الشمس وغيرها من محاصيل الصادر الأخرى.