ينتظر الليبيون الإعلان رسمياً خلال الساعات المقبلة عن النتائج الأولية للانتخابات البلدية، والتي أفرزت عدداً من المؤشرات الإيجابية القادرة على رسم ملامح واعدة بالحل السياسي وتجاوز الصراع المستدام بين الفرقاء.
ويرى المراقبون أن نجاح الاستحقاق البلدي، أعاد للشعب الليبي الأمل في إمكانية الانطلاق نحو حلحلة الأزمة، وإعادة الحياة إلى التجربة الديمقراطية عبر تنظيم الاستحقاقات المؤجلة، وتكريس مبدأ المشاركة السياسية لدى مختلف فئات المجتمع وفي كل مناطق البلاد، وهو ما أشارت إليه القائمة بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ستيفاني خوري بقولها «تنظيم الانتخابات البلدية دليل على أن الانتخابات ممكنة في ليبيا لإعادة الانتقال السلمي للسلطة في ليبيا، وهي خطوة مهمة نحو تعزيز الديمقراطية.
وضمان حكم رشيد يستجيب لطموحات المواطنين، ويعيد الشرعية للمؤسسات الليبية من خلال الانتخابات»، واصفة «هذه الانتخابات بالحدث المهم في ليبيا نحو الديمقراطية، حيث سيكون للمواطنين الليبيين في البلديات فرصة لممارسة حقهم في انتخاب ممثليهم في المجالس البلدية».
ووفق مراقبين، فإن الانتخابات كشفت عن 3 مؤشرات مهمة أولها كثافة المشاركة من قبل الناخبين، إذ أعلنت المفوضية الوطنية للانتخابات، أن النسبة الأولية للمصوتين بلغت 74% من إجمالي من يحق لهم التصويت والذين بلغ عددهم 186 ألف ناخب.
وبحسب المراقبين فإن تلك النسبة تؤكد تعطش الليبيين للمشاركة في تحديد مصير بلادهم، وتشير إلى أن الشعب الليبي قادر على فرض إرادته والانطلاق ببلاده في اتجاه تكريس الحل السياسي وتحقيق المصالحة وتجاوز فترة الانتقال السياسي التي طالت لـ 13 عاماً.
وأكد عبد الحكيم الشعاب، عضو مجلس إدارة المفوضية الوطنية، أن نسبة المشاركة في الاستحقاق البلدي مشجعة ومحفزة، مؤكداً أن العملية الانتخابية تمت بشكل سلس ومن دون أي اختراقات أمنية أو مخالفات. وأشار إلى أن نجاح الانتخابات في كل مناطق البلاد يعد مؤشراً على رغبة الشعب الليبي في الاستقرار بواسطة صناديق الاقتراع.
تجاوز انقسامات
ويتمثل المؤشر الثاني، وفق المراقبين، في أن الانتخابات كانت فوق الانقسامات الحكومية والسياسية والعسكرية، وشملت مجالس بلدية في غرب البلاد وشرقها وجنوبها، وفي مناطق نفوذ حكومة الوحدة الوطنية، ومناطق نفوذ الجيش الوطني والحكومة المنبثقة عن مجلس النواب، ما يعني إمكانية الاتفاق بين الفرقاء وفي أي وقت على إجراء انتخابات عامة في كامل الجغرافيا الليبية من دون عراقيل تذكر.
وتمثل ثالث المؤشرات في حالة التفاؤل العامة التي شملت مختلف مناطق البلاد وفئات المجتمع، وأسست لواقع سياسي جديد، وهو ما أعرب عنه رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، بقوله، إن الانتخابات البلدية ليست هدفاً في حد ذاتها، بل قاعدة متينة لإجراء استحقاقات وطنية أكبر، مؤكداً أن ليبيا تمتلك الآن الأرضية المناسبة لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة. وأشار صالح إلى أن عدداً كبيراً من الليبيين ينتظرون فرصة التعبير عن إرادتهم عبر صناديق الاقتراع.
مرحلة جديدة
ووفق مراقبين، فإن الانتخابات البلدية مثلت منطلقاً إيجابياً لمرحلة سياسية جديدة يتبين من خلاله قدره الشعب الليبي على أن يكون في الموعد مع الأحداث الكبرى، لا سيما عندما يتعلق الأمر بالاستحقاقات المصيرية وعلى رأسها الانتخابات البرلمانية والرئاسية التي لم يتم الحسم بعد سواء في قوانينها الأساسية أم في موعدها.
ووصف عضو المجلس الرئاسي، عبدالله اللافي، إجراء الانتخابات البلدية في عدد من البلديات بالخطوة المهمة التي تعكس شجاعة أبناء ليبيا وإصرارهم على ممارسة حقهم الانتخابي بكل نزاهة ومسؤولية، مشدداً على إن هذا الاستحقاق الوطني يعكس أيضاً قوة الإرادة لدى الشعب الليبي، ورغبته العميقة في المساهمة في بناء مستقبله.
بدوره، أوضح نائب رئيس الحكومة المكلفة من مجلس النواب، سالم الزادمة، أن إجراء الانتخابات في ليبيا ليس بالأمر الصعب أو المستحيل في ظل توفر الأمن والتجهيزات الفنية واللوجستية، داعياً إلى ضرورة إنهاء الأزمة السياسية من خلال الانتخابات. ولفت الزادمة، إلى أن نجاح تنظيم انتخابات البلديات درس مهم يمكن استخلاصه لنجاح الانتخابات في ليبيا ليتمكن الشعب من اختيار ممثليه وقيادته.