إلى أين وصلت محادثات الهدنة في غزة؟ على خلاف نبرة الأيام الماضية حول «اتفاق وشيك»، بدأ الحديث خلال اليومين الماضيين عن «تفاؤل حذر» وسط تسريبات إسرائيلية بأن «الطريق لا تزال طويلة» بسبب فجوات كبيرة أدت إلى تعقيد مسار المفاوضات.
لا يزال الحديث عن مرحلتين للاتفاق، وقد جرى تقسيم الاتفاق المتبلور إلى مرحلتين، الأولى متعلقة بالرهائن وتبادل الأسرى ومحور فيلادلفيا، مع ترحيل أهم الخلافات وأكثرها تعقيداً إلى المرحلة الثانية، لكن المرحلة الأولى نفسها ما زالت محل أخذ ورد.
وأن هناك احتمالاً معتدّاً به ألا تدخل حيّز التنفيذ، في ظل استمرار الحكومة الإسرائيلية في تحديث مطالبها وشروطها بشكل متواصل، ما يعني أن الاتفاق يمكن أن يتحوّل عملياً إلى نوع من الهدنة المؤقتة.
4 ملفات
الطرفان اتفقا بالمفاوضات غير المباشرة على 4 ملفات رئيسية، الأول متعلق بالمحتجزين، والثاني بعدد الأسرى الفلسطينيين الذين كانوا بالمرحلة الأولى بين 700 إلى 900، والملف الثالث كان الانسحاب التدريجي من ممر صلاح الدين (فيلادلفيا).
بالإضافة إلى ملف رابع مختص بالمراقبة الأمنية في محور نتساريم (وسط قطاع غزة)، لكن التصريحات الصادرة عن الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي بشأن سير المفاوضات متأرجحة بين حدوث انفراجات عدة بخصوص نقاط الخلاف والمزيد من التعقيد في ظل تشبث كل طرف بشروطه المسبقة.
الأمر الذي يجعل من عملية إتمام الصفقة بشكل رسمي مسألة غير محسومة، سيما وأن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو يرفض إعطاء المفاوضين الصلاحيات لإتمام الاتفاق، ويراهن على العمليات العسكرية لتحرير الرهائن، حيث صعدت إسرائيل من هجماتها خلال هذا الأسبوع بنسف المنازل واستهداف اللاجئين والمستشفيات بما يؤكد نيته التفاوض تحت النار، سيما وأن أكثر المتفائلين في تل أبيب يتحدثون عن نبضة أولى من التسوية لا تلحقها نبضة ثانية.
الوضع الإنساني
الولايات المتحدة تأمل أن يكون صعباً على نتانياهو هذه المرة التراجع عن الصفقة بعد المرحلة الأولى منها، لكن على ما يبدو أن إسرائيل تماطل في الاتفاق لتتفاوض مع الرئيس الجديد المنتخب دونالد ترامب، مولية ظهرها للرئيس جو بايدن، الذي فشل طيلة سنوات ولايته الأخيرة في دفع نتانياهو للموافقة على اتفاق أعلن عنه قبل أشهر ينهي الحرب، غير أن البعض يؤكد أن الوضع الإنساني في قطاع غزة أصبح مأساوياً.
حيث إن القطاع لم يعد يحتوي على أي منطقة آمنة، حيث يعاني السكان من حصار خانق واعتداءات مستمرة من الجيش، ما يجعل التوصل إلى اتفاق هدنة ضرورة إنسانية وأخلاقية.
ولا شك أن هناك تطورات قد تسهم في التعجيل بالصفقة وتحقيق الهدنة قريباً، حيث إن ترامب يرغب في إنجاز الصفقة قبل تنصيبه، فيما يتخوف الجيش الإسرائيلي من مخاطر على حياة المحتجزين الإسرائيليين بغزة خلال فصل الشتاء، خصوصاً مع تدهور الوضع الإنساني في القطاع، كما أن «حماس» تواجه ضغوطاً متزايدة، وسط خشيتها من الدخول إلى نفق أكثر ظلمة، على ضوء تهديدات ترامب الأخيرة للحركة وغزة، لذلك قد تلجأ إسرائيل إلى هدنة «مؤقتة»، لا تقيّد نشاطها العسكري بغزة.