تتجه إسرائيل لشرعنة التهجير على نحو علني، من خلال إنشاء هيئة رسمية تتولاه، وعدم الاكتفاء بما يفعله جيشها من قصف وتدمير يمهد الأرض للتهجير، ومن تضييق للخناق على تحرك المنظمات الإنسانية الأممية، ودفعها للمغادرة، ومن استهداف للصحافيين، لإبعاد ما يجري عن أنظار العالم.
وفي سياق شرعنة التهجير، أعلنت المتحدثة باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، أمس، أن إسرائيل ستنشئ إدارة جديدة لتسهيل ما أسمتها المغادرة «الطوعية» للفلسطينيين من غزة. وأضافت أن مجلس الوزراء الأمني المصغر وافق على اقتراح من جانب وزير الدفاع يسرائيل كاتس، بإنشاء هذه الهيئة التي سيتم وضعها تحت سيطرة وزارة الجيش.
ويجب السماح للراغبين في مغادرة غزة المحاصرة بالقيام بذلك «بما يتوافق مع القانون الإسرائيلي والدولي، وبما يتماشى مع رؤية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب»، بحسب ما ورد في بيان صادر عن المتحدثة باسم نتانياهو.
أول صوت منتقد لهذه الخطوة صدر من داخل إسرائيل، حيث أدانتها حركة «السلام الآن» الإسرائيلية، ووصفتها بأنها «وصمة عار لا يمكن محوها في إسرائيل»، مضيفة: «عندما تصبح الحياة في مكان ما مستحيلة بسبب القصف والحصار، فلا يوجد ما يُسمى بـ«الطوعية» فيما يخص مغادرة الأفراد».
124 ألف نازح
وقالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا» إن 124 ألفاً نزحوا في القطاع خلال بضعة أيام. وأضافت على إكس: «تنتقل العائلات بما تبقى لديها بلا مأوى ولا أمان ولا مكان تذهب إليه. قطعت السلطات الإسرائيلية كل المساعدات. الغذاء شحيح والأسعار ترتفع بشدة. هذه كارثة إنسانية. يجب إنهاء هذا الحصار».
وأعلنت الأمم المتحدة أنها «ستقلص وجودها» في القطاع بعد أن أصابت دبابة إسرائيلية أحد مجمعاتها الأسبوع الماضي، ما أسفر عن مقتل أحد موظفيها وإصابة خمسة آخرين. وفي بيان صدر أمس، قال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، ستيفان دوغاريك، إنه «بناء على المعلومات المتاحة حالياً»، فإن الغارات على الموقع «كانت بسبب دبابة إسرائيلية».
وفي جنيف، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر إن مكتبها في رفح جنوبي القطاع تعرض لأضرار جراء سقوط قذيفة متفجرة أمس، مضيفة أنه لم يصب أي من موظفيها بأذى.
وأوردت المنظمة في بيان أن مكتب اللجنة الدولية للصليب الأحمر في رفح تضرر بقذيفة، وقالت إن الاتصال انقطع، الأحد، مع فنيي طوارئ طبية تابعين لجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني، ولا يزال مكان وجودهم مجهولاً. ولفتت إلى مقتل وإصابة عمال إغاثة إنسانية في غزة الأسبوع الماضي.
وقالت إن التصعيد في غزة خلال الأسبوع الماضي «كانت له آثار إنسانية كبيرة، حيث قُتل مئات المدنيين، وظل بعضهم مدفوناً تحت الأنقاض، بينما تُرك آخرون في ظل تعثر إنقاذهم».
وتابعت: «إن أوامر الإخلاء الجديدة والأعمال العدائية المكثفة تدفع الناس إلى الفرار من دون أن يكون لديهم فهم واضح للمناطق الآمنة، وكثيرون ليس لديهم مكان آخر يلجأون إليه. وقد اضطر كثيرون إلى ترك خيامهم وممتلكاتهم».
نساء وأطفال
وقال مسؤولون في قطاع الصحة إن إسرائيل قتلت ما يقرب من 700 فلسطيني منذ استئناف الهجمات على غزة الثلاثاء الماضي، بينهم ما لا يقل عن 400 امرأة وطفل. وقال مسعفون إن من بين القتلى، أمس، الصحافيين محمد منصور وحسام شبات. وذكرت «نقابة الصحافيين الفلسطينيين» أن 206 صحافيين على الأقل قُتلوا بنيران إسرائيلية في غزة منذ السابع من أكتوبر 2023.
وأعلنت بلدية رفح أن آلاف الأشخاص محاصرون داخل حي تل السلطان في مدينة رفح بعد أن أرسل الجيش الإسرائيلي بعض القوات إلى هناك. وقالت البلدية في بيان: «الاتصالات انقطعت تماماً عن الحي، والمصير مجهول، العائلات محاصرة بين الأنقاض من دون ماء أو غذاء أو دواء وسط انهيار تام للخدمات الصحية».
وذكر الدفاع المدني الفلسطيني أن 50 ألف فلسطيني ما زالوا محاصرين في رفح.
اقتراح مصري
قال مصدران أمنيان إن مصر قدمت مقترحاً جديداً يهدف إلى استئناف وقف إطلاق النار في غزة. وذكرا أن الخطة المصرية تقترح أن تطلق حماس سراح خمس رهائن إسرائيليين أسبوعياً على أن تبدأ إسرائيل تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بعد الأسبوع الأول.
وقال المصدران إن الولايات المتحدة وحماس وافقتا على الاقتراح، لكن إسرائيل لم ترد بعد.
ولم يؤكد مسؤول في حركة حماس الخطة المقترحة، لكنه قال لـ«رويترز»: «عدة مقترحات يجري نقاشها الآن مع الوسطاء لجسر الهوة والعمل على استئناف المفاوضات والوصول إلى نقطة متفق عليها تمهد للدخول في المرحلة الثانية من الاتفاق».
وقال المصدران إن المقترح المصري يتضمن أيضاً جدولاً زمنياً لانسحاب إسرائيل الكامل من غزة، بدعم من ضمانات أمريكية، مقابل إطلاق سراح الأسرى.