لم تثمر خطوة تخفيف العقوبات الأمريكية والأوروبية عن سوريا حتى الآن بأي تغيير ملموس في حياة السكان المرهقين من ركود اقتصادي ومرحلة جديدة من الفقر الذي تعانيه سوريا منذ اندلاع الأزمة عام 2011 ومستمرة حتى اليوم.
لقد استثنت واشنطن بعض القطاعات السورية من العقوبات، لكن لم تتدفق على سوريا أي استثمارات كبيرة، وذلك أن الاستثناءات الممنوحة لا تشمل القطاع المصرفي، لذلك ما زال تدفق الأموال يتفادى سوريا لأن واشنطن ما زالت تتحكم بحركة الاستثمار، والتخفيف المعلن للعقوبات يكاد يكون وهمياً طالما أنه لا يمكن إجراء تحويلات دولية عبر النظام المصرفي السوري، ويبدو أنه من دون رفع كامل للعقوبات سيكون من الصعب إقناع المستثمرين ببدء أعمال كبيرة، ومن المرجح أن تبقى إعادة الإعمار مشروعاً بلا أثر على أرض الواقع.
سعر الصرف
واحدة من التداعيات الخطيرة على معيشة السكان هو اكتساب الليرة السورية «قوة بلا معنى» منذ سقوط نظام بشار الأسد، حيث بلغت أحياناً أقل من ثمانية آلاف مقابل الدولار، فيما كانت قبل سقوط النظام 16 ألف ليرة مقابل الدولار.
وتلعب الشائعات في حدوث انفراجات مبالغ فيها بين المجتمع الدولي وسوريا، في تلاعب بعض تجار العملة بسعر الصرف، فيما يفتقد الناس إلى القدرة الشرائية، وانخفضت أسعار السلع، لكن من دون أن ينعكس إيجابياً على المزارعين والعمال، فقد انخفضت أسعار المنتجات بينما كانت تكاليف الإنتاج قبل سقوط النظام كبيرة جداً، الأمر الذي كبد معظم العاملين في الزراعة خسائر كبيرة نتيجة اضطراب العملة.
في الوقت نفسه، سارع عدد كبير من الأفراد الذين يمتلكون مبالغ ضئيلة لا تتجاوز بضعة آلاف من الدولارات إلى شراء الليرة السورية لاعتقادهم أن الانخفاض سيستمر فيما لم تصدر الحكومة أي تحذيرات للسكان من الوقوع في فخ التضليل والأخبار الزائفة، ولم تتدخل لشراء العملة الصعبة.
وانخفضت قيمة الحوالات الخارجية التي يعتمد عليها معظم السوريين، حيث لم تعد القوة الشرائية لمئة دولار اليوم كما كانت قبل ثلاثة شهور.
خسائر
ولم يستبعد خبراء من كارثة أكبر تلوح في الأفق، وهو أن يكون التلاعب بالليرة يتضمن ضخها دفعة واحدة، مما قد يؤدي إلى انهيار سعر الصرف وعودة الليرة إلى مستوياتها المتدهورة قبل سقوط النظام، وهو ما سيضاعف خسائر العائلات السورية إلى مئات الملايين من الدولارات من قيمة مدخراتهم التي تآكلت خلال عملية البيع والشراء.
المصرف المركزي، من خلال سياسة حبس السيولة وتقييد السحب، أضر بالأعمال التجارية والصناعية بسبب التذبذب الكبير في سعر الصرف، كما أن هذا التذبذب يجعل المستوردين والصناعيين يتريّثون في أعمالهم لأنهم يدركون أن سعر الصرف المتداول حالياً «وهمي».