بين فتور دولي وأمل عربي.. سوريا في دائرة الانتظار

في ظل التحولات الجيوسياسية الكبرى التي يشهدها العالم، يسود قلق في دمشق من تراجع الملف السوري تدريجياً على قائمة الأولويات الدولية، خاصة لدى الإدارة الأمريكية، التي أصبح تركيزها منصبّاً بشكل شبه كامل على ملفات مثل الحرب في أوكرانيا، والتوترات المستمرة مع إيران، والانشغال الدولي بمآلات ملف غزة، الذي يشكل مصدر قلق رئيسي حالياً خصوصاً مع استمرار المخاوف من اندلاع جولة جديدة من المواجهات. هذه التحديات العالمية وضعت سوريا في هوامش الاهتمام الدولي، مما جعل مساعي إنعاشها وإعادة استقرارها أكثر تعقيداً.

الولايات المتحدة، التي لعبت لسنوات دوراً بارزاً في الملف السوري حتى تسلم إدارة ترامب الحكم، باتت الآن أقل اهتماماً بإيجاد حلول جوهرية للصراع، إذ لا ترى في سوريا ساحة استراتيجية حاسمة مقارنةً بجبهات أخرى أكثر تأثيراً على مصالحها، مثل المواجهة مع روسيا في أوروبا الشرقية، أو احتواء الصين في المحيط الهادئ. ومن جهة أخرى، فإن إسرائيل، الحليف الوثيق لواشنطن، تركز على المناطق الجنوبية من سوريا من ناحية أمنية وهير غير معنية بحل سياسي شامل، مما يعزز حالة الجمود التي تلوح في الأفق للملف السوري.

من جهة أخرى، لا تزال العقوبات الغربية، بما فيها قانون قيصر الأمريكي، تُكبّل الاقتصاد السوري وتحدّ من قدرته على التعافي، في وقتٍ تسير فيه الجهود الداخلية نحو المصالحة الوطنية ببطء شديد، حيث تواجه دمشق تحديات اقتصادية واجتماعية هائلة تجعل أي تحرك نحو الاستقرار محفوفًا بالصعوبات.

وسط هذا الجمود الدولي، يبقى التحرك العربي هو الأمل الأساسي لكسر حالة الفتور تجاه سوريا. خلال السنوات الأخيرة، اتخذت بعض الدول العربية، خطوات تدريجية نحو إعادة سوريا إلى المنظومة الإقليمية، انطلاقًا من رؤية تقوم على أن استعادة دمشق لدورها الطبيعي يمكن أن تسهم في تحقيق الاستقرار في المنطقة، على أمل أن يتطور إلى عملية ملموسة تعيد ربط سوريا بالاقتصاد العربي وتفتح المجال لمشاريع إعادة الإعمار وتخفيف الأعباء عن كاهل سوريا التي ستحتاج – بوتيرة نمو بطيئة – إلى 55 عاماً للعودة إلى مستوى 2010، بحسب تقرير أممي مؤخراً، وهو مستوى لم يكن ناجحاً أساساً حيث كان الاقتصاد يعاني في 2010 من ضعف وخلل هيكلي بسبب عدم توازن النمو بين القطاعات.