سوريا.. قلق حول تبدد الدعم الدولي

خشية سورية من تراجع زخم الدعم العربي والدولي إثر تطورات الداخل
خشية سورية من تراجع زخم الدعم العربي والدولي إثر تطورات الداخل

رفعت مجموعة من التطورات في سوريا مؤخراً، منسوب القلق لدى الشارع السوري، من مرحلة فقدان المكاسب التي حققتها من انفتاح في الشهور الماضية، والتي كانت تبعث على التفاؤل، حتى حوادث الساحل الأخيرة، ثم الإعلان الدستوري الذي انقسم السوريون حوله.

فضلاً عن الشكوك حول الاتفاق التاريخي بين الرئاسة السورية وقوات سوريا الديمقراطية (قسد)، التي كانت من المنتظر أن تكون مقدمة لتوافقات داخلية كبيرة، تعزز ثقة المجتمع الدولي بمشاركة جميع السوريين في مرحلة الانتقال السياسي.

إلا أن ثقة المجتمع الدولي باتت محل شكوك. فقد بدأت تداعيات التدخل الأمني في منطقة الساحل، ومقتل المئات من المدنيين، على هامش مواجهات بين الأمن وفلول النظام، إلى لهجة مغايرة في الخطاب الغربي.

وإن لم يكن محسوماً حتى الآن بالقطع، مع إيجابيات المرحلة الانتقالية، وإنما ما زالت تحذيرات لتصحيح المسار السياسي والأمني. وأكثر المواقف المثيرة للقلق، ما صرح به نائب الرئيس الأمريكي، جي دي فانس، من أن الولايات المتحدة ستمارس ضغوطاً سياسية واقتصادية، في سبيل حماية الفئات والمكونات المستهدفة من قوى مسلحة.

ضغوط

تصريح دي فانس، وإن كان حاسماً من ناحية أن واشنطن لن ترسل قوات عسكرية إلى سوريا في المناطق المضطربة الجديدة في البلاد، فإن الضغوط التي تحدث عنها، قد تكون معطلة وخطيرة على مسار التعافي السوري.

حيث ترزح البلاد تحت ضغوط اقتصادية هائلة، أدت إلى انضمام فئات جديدة من المجتمع إلى الفئة الأكثر ضعفاً، التي لا تملك أي دخل، وهؤلاء زاد عددهم بعد سقوط نظام بشار الأسد، نتيجة هيكلة وظيفية في القطاعات الحكومية، أدت إلى تسريح عشرات الآلاف.

وكان لافتاً أن المكالمة الهاتفية بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، تطرقت إلى الملف السوري بشكل خافت، وفق البيان التركي.

وحاول أردوغان إثارة ملف العقوبات الأمريكية، وضرورة العمل على رفعها، لتمكين نجاح المرحلة الانتقالية، والحؤول دون قيام الولايات المتحدة بخطوات تعيد النظر في نواياها الأولى، التي أعقبت سقوط النظام، برفع تدريجي للعقوبات عن سوريا، حيث إنه بدون هذه الخطوة، لن تتمكن أي دولة من تقديم مساعدة مؤثرة.

إلى جانب هذه التطورات، كان بيان مجلس الأمن الدولي الأخير بشأن سوريا شديد اللهجة، وعاد للحديث عن أن أساس العملية السياسية، هو القرار 2254، الذي بات غير موجود في العملية السياسية السورية المعلنة.

فالمرحلة الانتقالية تمتد خمس سنوات في الإعلان الدستوري السوري، بينما في القرار الدولي، ما زال 18 شهراً، وهو ما كرره بيان مجلس الأمن، الذي اجتمع بطلب من روسيا والولايات المتحدة، في توافق نادر بين القوتين العظميين.

وهناك مؤشر آخر على إعادة النظر الأمريكية في الأوضاع السورية، وهو احتمال أن تكون سوريا مشمولة في القرار الأمريكي المرتقب بحظر دخول مواطني دول «القائمة الحمراء» إلى الولايات المتحدة، وإذا حدث ذلك، فإنه سيحد كثيراً من فرص الانفتاح الأمريكي على دمشق.

حيث لا يستقيم أن تشجع واشنطن الاستثمار في دولة تحظر على مواطنيها دخول أمريكا، لأسباب متعلقة بمخاوف الإرهاب.

في كل الأحوال، تحاول الدبلوماسية السورية الناشئة بدعم من الدول العربية والإقليمية، شق طريق نحو التخفيف من الردود الغربية على التطورات السلبية في سوريا، وبطبيعة الحال، يحتاج مثل هذا الأمر، حتى يكون فاعلاً، إلى خطوات سريعة داخلية، مثل توسيع المشاركة السياسية، وإيجاد مخرج في الإعلان الدستوري المعلن، ليكون أكثر تمثيلاً للمجتمع السوري المتنوع.

ومؤخراً، حذرت شخصيات غربية مطلعة، على غرار رئيس الاستخبارات البريطانية السابق، جون ساورز، في مقال نشره في صحيفة فايننشيال تايمز، بأن الوقت يضيق أمام القيادة السورية الجديدة لبناء دولة متعددة، والالتزام بتعهداته التي قطعها على المجتمع الدولي، بتطبيق سياسات عامة وجامعة، لا تهمش أحداً.