مؤتمر بروكسل لدعم سوريا.. استثناء «إعادة الإعمار»

طفلان يلعبان كرة القدم داخل مدرسة في درعا بجنوب سوريا |
طفلان يلعبان كرة القدم داخل مدرسة في درعا بجنوب سوريا |

يمثل مؤتمر بروكسل بشأن سوريا استمراراً للوضع القائم في سوريا، حيث لم يشهد تحولات جذرية على الصعيدين السياسي والاقتصادي. تم التعهد بتقديم 5.5 مليارات دولار كأموال مساعدات إنسانية، وهو المستوى المعهود نفسه من التعهدات السنوية، التي تركز على تقديم الدعم للسوريين في الداخل والخارج.

رغم ذلك، يبقى الالتزام الفعلي غامضاً، إذ من المحتمل ألا يتم صرف كامل المبلغ المخصص، وبعضه سيذهب لدول الجوار التي تستضيف اللاجئين السوريين.

النصف المخصص لسوريا، سيتم تحويله إلى وكالات الأمم المتحدة، التي ستديره من خلال شركائها، وهم عادة المنظمات الدولية الكبرى، وبعض الشركاء السوريين الكبار.

في ما يخص تمويل المنظمات السورية، غالباً ما يأتي عبر هذه القنوات، حيث لا تشكل الشراكات مع وكالات الأمم المتحدة، سوى نسبة ضئيلة جداً من ميزانيتها السنوية.

من جهة أخرى، تبرز الحقيقة الواضحة في المؤتمر، وهي غياب التزام حقيقي بتخصيص جزء من هذه الأموال لإعادة الإعمار. لا يزال الجميع في انتظار ضوء أخضر من الإدارة الأمريكية، التي تراقب عن كثب أداء الحكومة السورية الانتقالية.

كما أن دول الإقليم كبحت اندفاعها للدعم، بعد الأحداث الأخيرة في الساحل، والتي أثرت سلباً في محاولات إقناع الولايات المتحدة بتغيير موقفها.

في المقابل، الأوروبيون الذين يعتبرون الأكثر انفتاحاً على الحكومة السورية الانتقالية، يهدفون إلى تحقيق مستوى معين من الاستقرار، يسمح بعودة بعض اللاجئين، لتخفيف الضغوط الناتجة عن اليمين المتطرف.

لكن حتى هذه الرؤية بدأت في التلاشي، حيث كانت الإنجازات التي حققتها الحكومة الانتقالية سابقاً، مثل نجاحها في منع التصعيد العسكري بين الأطراف المختلفة، قد تلاشت.

النتيجة الأبرز للمؤتمر، هو أن التغيير الكبير بسقوط النظام في سوريا، لم ينعكس على حجم التعهدات، وبالتالي، لم يدفع سقوط النظام الدول إلى تغيير جذري في سياساتها تجاه سوريا، بحيث يتيح ضخ الموارد المالية اللازمة لإحداث تحول حقيقي في الوضع السوري.

ومع تزايد التحديات على الصعيد الدولي، خاصة في ظل التغيرات الكبيرة في النظام العالمي، فإن معظم الدول الغربية بدأت تتحول إلى استثمارات عسكرية ضخمة. هذا التحول، يعني أن ميزانيات التنمية والتعاون الدولي ستشهد خفضاً كبيراً في السنوات المقبلة.

حيث أعلنت دول مثل بريطانيا وسويسرا وهولندا، عن تخفيضات غير مسبوقة في ميزانيات التنمية الدولية، والبقية في الطريق. الوقت أمام سوريا والسوريين ينفد.

فالأولوية اليوم، تكمن في قدرة الإدارة السورية الانتقالية على اتخاذ قرارات حاسمة، والابتعاد عن السياسات المثيرة لحفيظة الداعمين والمحرجة لهم.

فالخريطة واضحة: حكومة وحدة وطنية موسعة، تركز على إقناع العالم بأن سوريا تستحق الأفضل، مع السعي لإصلاح العلاقات مع الجيران، ووقف الانشغال بالنزاعات الداخلية، وإعادة بناء النظرة الأمنية تجاه المجتمعات المحلية السورية.

رفع العقوبات

على الرغم من محاولة تركيا استغلال المؤتمر للمطالبة برفع العقوبات عن سوريا دون شروط، إلا أن هذه المطالب لم تلقَ استجابة من الدول الأوروبية والأمريكية. فقد اعتبر نائب وزير الخارجية التركي، نوح يلماز، أن استمرار العقوبات، يعوق إعادة الإعمار، ويزيد من معاناة السوريين.

ومع ذلك، تمسك الأوروبيون والأمريكيون بموقفهم المتحفظ، مع أحاديث في أروقة المؤتمر بعيداً عن الإعلام، أن العقوبات ستظل قائمة، حتى يظهر بديل سياسي حقيقي قادر على قيادة البلاد، أو تصحيح الحكومة الانتقالية مسارها.