أكد عدد من المسؤولين والمحكّمين والأوائل على مستوى الجاليات، في تحدي القراءة العربي، خلال حديثهم لـ «البيان»، ضمن استطلاع خاص، أهمية التحدي ورسوخه رافعة رئيسة لمشوار استئناف الحضارة العربية، كونه غنياً بالآفاق، ويحمل كثير القيم، وينطوي على أبعاد فكرية وتنموية مجتمعية نوعية.
وفي هذا السياق، أوضح الدكتور فوزان الخالدي مدير إدارة البرامج والمبادرات في مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، أن المبادرة أطلقت بتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وهي التظاهرة القرائية الأكبر حول العالم.
وتابع: «حققت الدورة الثامنة إنجازات نوعية، بمشاركة أكثر من 28 مليون طالب وطالبة حول العالم، من أكثر من 229 ألف مدرسة، و154 ألف مشرف ومشرفة، وهذا الإنجاز لم يكن ليتحقق، لولا التعاون بين المؤسسة ووزارات التربية والتعليم في الدول المختلفة».
وأشار إلى أن بعض الجاليات تواجه صعوبة في الوصول إلى كتب عربية متنوعة، تلبي طلباتها ورغباتها، إلا أن مؤسسة مبادرات محمد بن راشد آل مكتوم العالمية، بادرت بتوفير الكتب في مختلف دول العالم، التي فيها نقص في الكتب العربية.
مكانة رفيعة
بدوره، قال الدكتور توفيق عبد السلام، أحد المحكّمين في تحدي القراءة العربي: إن التحدي أكثر من رائع، ويفوق قدرته على الوصف، فالمبادرة عالمية، وتمكنت من جذب اهتمام كافة الدول العربية والجاليات في العديد من الدول الغربية، والأطفال يشاركون في هذا الشرف والإبداع بحماس وحيوية. وكم هي جملية هذه المبادرة من التحدي، والذي يحفز هؤلاء الأطفال، على الرغم من أنهم يعيشون في الغرب، كي يقرؤوا الكتب العربية، ويتم اختبارهم فيها.
وعن أبرز التحديات التي يواجهها خلال التقييم، أفاد توفيق عبد السلام أن تقارب مستوى الطلاب يعد تحدياً كبيراً، ما يستدعي المزيد من النقاش بين اللجنة للاتفاق على النتيجة، فجميع الأطفال بلا استثناء مدهشون في ما يقومون به من جهد.
واستعداد للمواجهة والتحدي والتغلب على الصعاب، والمنافسة لأجل الوصول إلى اللقب. وأشار إلى أنه مذهول من فصاحة الأطفال، وعمق تفكيرهم وحماسهم وشغفهم بهذه المبادرة وقيمتها، رغم صغر سنهم.
آفاق ثرية
الطالب أحمد فيصل علي، صاحب المركز الأول في التحدي على مستوى الإمارات في الدورة الحالية، كان العام الماضي من المتميزين على مستوى الدولة، واجتهد إلى أن وصل إلى هذه المرتبة، وهو يبلغ من العمر 15 عاماً، وقرأ 140 كتاباً.
ويشارك هذا العام، للمرة الثانية، وقد حقق إنجازاً نوعياً. وقد أكد فيصل في حديثه لـ «البيان»، أن القراءة صقلت شخصيته، وعلمته العديد من الدروس، حيث تمكن من زيارة حضارات كثيرة، والعودة بالزمن وهو في مكانه من خلال الكتاب، وآنسته القراءة، وتعلم منها الكثير، وعاش عوالم مختلفة من خلالها.
وأضاف ناصحاً أبناء جيله: إنه لشرف كبير أن يتمسك هذا الجيل بالقراءة، بفضل التحدي، وهي الفعل الذي أول ما أُمر به الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام. إن القراءة هي الطريق الوحيد لتحويل الحلم إلى واقع.
الطالب زيد غانم عزيز العقيدي، الفائز بالمركز الأول على مستوى بريطانيا في هذا العام، وهو يشارك للمرة الثالثة في التحدي، وفي الموسم السادس، كان ضمن العشرة الأوائل، لكنه لم يصل التصفيات النهائية في دبي.
ويشير إلى أن المبادرة تشجعه على القراءة التي يحبها في الأساس، وتجعله يقبل على مختلف أنواع الكتب والقصص، ليتمكن من المنافسة بشكل يرضيه. وأوضح أنه يخصص 20 دقيقة يومياً للقراءة، ويفضل القصص الدينية، لأنه يحب تعلم تعاليم الدين، والتشبه بالصحابة وأخلاقهم وسلوكهم. كما أنه يهوى كرة القدم والسباحة، وتساعده والدته كثيراً أثناء القراءة، خاصة عندما يجد صعوبة في أي من الكلمات.
إضاءة الدروب
الطالب محمد كلش، الفائز بالمركز الأول على مستوى إيرلندا في دورة التحدي الـ 8، يبلغ من العمر 12 عاماً، وهذه هي المشاركة الأولى له، وقد قرأ 25 كتاباً، بمعدل ساعة يومياً، وقدوته صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله.
ويتابع: «أحلم بأن أمتلك رؤية وحكمة وثقافة، تشابه ثقافة ورؤى وحكمة سموه، كي أضيء دروب الآخرين، خاصة الأطفال». وبيّن أنه يحب قراءة الكتب العلمية والخيالية، حيث إن الكتب العلمية للمعرفة، أما الكتب الخيالية فهي للتسلية ولتوسيع الخيال والمدارك.
موضحاً أنه من الصعب عليه العثور على كتب عربية لقراءتها في إيرلندا، لندرة وجودها، وحتى إن وُجدت، فهي قليلة جداً، وتفتقد للتنوع، لكنه تمكن من القراءة بشكل أكبر، من خلال دعم تحدي القراءة العربي، وعبر الكمبيوتر والجوال، والحصول على نسخ إلكترونية من الكتب التي يود قراءتها.
الطالب كمي الجباعي، الأول على مستوى هولندا في التحدي لهذا العام، يبلغ من العمر 10 سنوات، ويشارك في التحدي، لأنه يحب القراءة منذ صغره، ويعتبرها إلهاماً له في كل شيء، وهي، برأيه، الأسلوب الوحيد الذي يتمكن من خلاله أن يجوب العالم.
ويتنقل بين جنباته، فقط من خلال السفر بين دفتي كتاب، وهو يقرأ كتاباً يومياً، وعندما يكون في إجازة من المدرسة، فإنه يفضل الكتب المطولة، والتي تستغرق وقتاً أكبر، وقد قرأ ما يقارب الـ 60 كتاباً.
وهذه هي مشاركته الأولى بالتحدي. وأوضح أنه لم يواجه صعوبة كبيرة في الحصول على مصادر للقراءة، خاصة في ظل وجود مكتبات تضم كتباً عربية، وأغلب الكتب التي يقرأها، هي من خلال الهاتف، ولفت إلى أنه يهوى كرة القدم والقراءة والسباحة، وينوي أن يصبح عالم فضاء أو عالم أحياء.
الكتب الورقية
الطالب مازن يوسف أمين، الأول في منافسات التحدي لهذا العام على مستوى الصين، يبلغ من العمر 14 عاماً، وهذه هي مشاركته الأولى، وقرأ 30 كتاباً، وهو يهوى كتب الرياضيات والكتب العلمية، وتشجعه عائلته على القراءة.
كما أنه يقضي أكثر من ساعتين لثلاث ساعات يومياً في القراءة، ويفضل قراءة الكتب الورقية لا الرقمية، ويطمح لأن يكون صاحب مشروع خاص به، لا يعرف ماهيته إلى الآن، لكنه متأكد من قدرته على إدارة عمله بنفسه، وأن يقضي وقته في عمل ما يحب.
80 كتاباً
الطالب محمد الفاتح الرفاعي، الأول في دورة التحدي على مستوى السويد، يشارك للمرة الأولى، حيث قرأ أكثر من 80 كتاباً بالعربية والإنجليزية والسويدية، وأشار إلى أهمية دعم التحدي للطلبة في الحصول على الكتب، مشيراً إلى صعوبة الحصول على الكتب العربية في السويد، لقلة وجودها في المكتبات، وخاصة الكتب الفيزيائية التي يهواها، لذلك بات يهوى الكتب الرقمية.
لأنه يصل إليها بسهولة كبيرة أكثر من الكتب الورقية، ويمكنه الاختيار من بين ملايين العناوين والإصدارات. ويحلم الرفاعي أن يكون رائد فضاء. ويوجه نصيحته لأبناء جيله بألا يغوصوا، على حد تعبيره، في وسائل التواصل الاجتماعي، والألعاب الرقمية، وأن يهتموا بالقراءة وتهذيب النفس.
الطالبة غفران الجلاصي، تبلغ من العمر 16 عاماً، وهي بطلة التحدي على مستوى تونس، قرأت أكثر من 100 كتاب، وستواصل القراءة، كما تقول، حتى بعد التصفيات النهائية، لعشقها للكتب، حيث تعتبر أن وعيها من أروع القيم التي تعلمتها في حياتها. وهي تخصص وقتاً محدداً أسبوعياً، وكلما شعرت برغبة في الترفيه عن نفسها، لا تجد ملاذاً أكثر أمناً ومتعة من القراءة.
وفي رصيد غفران عدد من القصص التي ترغب في نشرها قريباً، وقد شاركت من قبل مرتين في التحدي. وتقول: «الثالثة «خاتمة»، كما يقولون، وأتمنى من كل قلبي أن أتوج باللقب».
خيارات
الطالب عبد الرحمن جابر بطل التحدي على مستوى قطر، ويبلغ من العمر 16 سنة، ويشارك للمرة الثانية في التحدي، وقد قرأ ما يزيد على 100 كتاب، ويعتبر كتاب «مئة من عظماء أمة الإسلام»، واحداً من كتبه المفضلة.
وهو يفضل الكتب الورقية على الكتب الرقمية، ويقدم نصيحة لأبناء جيله قائلاً: «القراءة ثم القراءة ثم القراءة، حيث إن القراءة غيرتني، ومنحتني الثقة بالنفس ومهارة الإلقاء، ولم أعد أكتفي منها، وأرغب بالمطالعة طوال الوقت».
محمد أحمد حسن، صاحب المركز الأول على مستوى الأزهر الشريف في مصر، يشارك بالتحدي للمرة الثامنة، حيث حرص منذ بداية التحدي على المشاركة فيه، وقرأ ما يقارب 400 كتاب، فهو يهوى القراءة، والتزود من العلم طوال الوقت، وولد كفيفاً، ولكنه لا يعتمد على الكتب المكتوبة بطريقة برايل، لأنها قليلة، ولا تشمل العلوم والآداب، ومختلف المجالات التي يحب البحث فيها، بل يعتمد على الكتب الصوتية.
وقال: «بصفتي طالباً أزهرياً، أميل إلى الدراسة الشرعية، وأفضل الكتب التي تخدم دراستي التخصصية، لكن أحب القراءة بشكل عام، انطلاقاً من مبدأ خذ من كل شيء.. شيئاً، واقتطف من كل بستان زهرة».
وهو يعتمد على نفسه تماماً، ولا يحب الاعتماد على الآخرين، كما يوضح، مؤكداً أنه مؤمن بأن القراءة لا تعطى فضلة الوقت، بل تعطى جل الوقت، فالقراءة غيرت فيه الكثير، وهي كما يرى، تجعل الإنسان يتعالى على سفاسف الأمور، وينظر بعين ملؤها الوعي والتفتح والثقافة.