خبراء: الذكاء الاصطناعي يقود مستقبل الصحة والمناخ

المشاركون في جلسة إعادة تصوّر مستقبل الرعاية الصحية
المشاركون في جلسة إعادة تصوّر مستقبل الرعاية الصحية

ناقش خبراء الأنظمة الصحية والبيئية ودورها في تشكيل مستقبل أفضل للبشرية. وتناولت جلسات محور «مستقبل الأنظمة الصحية» في اليوم الثاني من المنتدى رؤى مختلفة لمستقبل الرعاية الصحية، ودور الحمض النووي، وتجنب التحيز في البيانات الطبية والصحية.

وفي جلسة «إعادة تصور مستقبل الرعاية الصحية» التي جمعت البروفيسورة باتي مايس، المحاضرة في مختبر الإعلام بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وأليكس كومرمن، الرئيس التنفيذي للابتكار في «ليزي برين»، في حوار مع الدكتور محمد القاسم، عميد أكاديمية دبي للمستقبل، قالت باتي مايس: «أصبحت الأجهزة الذكية التي نحملها معاً طوال الوقت أكثر ذكاءً بشكل متزايد، ليس فقط بسبب الذكاء الاصطناعي، ولكن أيضاً لأنها حصلت على المزيد من تقنيات الاستشعار، مما يتيح لها الوصول إلى المزيد من البيانات حول حامليها والبيئة المحيطة بهم، وهذا هو ما نسميه الجيل التالي من الأجهزة الإلكترونية الاستهلاكية.

وتساعد هذه الأجهزة في المقام الأول على تتبع بعض المعايير الصحية مثل عدد الخطوات، ومعدل ضربات القلب، وجودة النوم، وما إلى ذلك.

وفي المستقبل، ستلعب هذه الأجهزة دوراً أكثر نشاطاً في مساعدة البشر على البقاء بصحة جيدة والحفاظ على أسلوب حياة صحي. ومستقبلاً، ستساعدنا هذه الأجهزة على النوم بشكل أفضل، واتخاذ قرارات أكثر ذكاءً، في ما يخص أسلوب حياتنا». وبدوره، قال أليكس كومرمن: «البيانات هي الثروة الحقيقية، وهي بمثابة النفط حالياً.

وفي عالم اليوم البيانات في كل مكان، بل هناك طوفان من البيانات - ليس فقط من الأجهزة الذكية، ولكن أيضاً من كل ما يتعلق بالصحة، والأشعة السينية، والأشعة المقطعية، وقراءات درجات الحرارة. وهذا التنوع في البيانات يمثل مشكلة في الواقع، لأنه لا يوجد تنسيق. لمعالجة البيانات بكفاءة، إذ يتعين علينا تطوير نوع جديد من فهرسة البيانات وتخزينها، وهو ما كنا نعمل عليه منذ بضعة عقود».

وضمن جلسة بعنوان «هل فقد الحمض النووي عرشه في تاريخ تطور البشرية؟» بحث البروفيسور جيانجون ليو، المدير التنفيذي بالإنابة لمعهد دراسات الجينوم في سنغافورة، والبروفيسورة لورا بايروت، مستشارة المعهد الوطني لبحوث الجينوم البشري بالولايات المتحدة، والدكتورة غابرييلا فيز، المحاضرة والباحثة بمعهد بارت للسرطان في جامعة كوين ماري في لندن.

وقال البروفيسور جيانجون ليو: «يتم التحكم في 30 في المائة من خطر الإصابة بالأمراض وراثياً، ويحدده اختلاف الجينوم، حيث اعتدنا على الاعتقاد أن الحمض النووي لا يتغير أبداً، لكننا تعلمنا أن هذا ليس صحيحاً، حيث تختلف المخاطر في لحظة معينة، وفي بيئة معينة، على الرغم من أننا نحمل الجين نفسه طوال حياتنا».

وبدورها، قالت البروفيسورة لورا بايروت: «ما نراه حالياً مع علم الجينوم هو أن بيئتنا وسلوكنا يؤثران على الجينات التي يتم تشغيلها وإيقافها وفقاً لمعطيات معينة. والسلوك معدٍ، سواء أكان جيداً أم سيئاً، وبالتالي التوقيعات اللا جينية المرتبطة بأنواع مختلفة من السلوكيات، والتي تدوم طويلاً في أجزاء مختلفة من الدماغ».

ومن جهتها، قالت الدكتورة غابرييلا فيز: «في غضون 50 عاماً، وبافتراض أن البشرية ستبقى على قيد الحياة، سيكون لدينا تدخل شخصي ومعرفة ضخمة حول مخاطرنا في وقت مبكر من الحياة. فعلى مدى السنوات العشر المقبلة، تواصل دولة الإمارات ودبي بقيادتها وبنيتها التحتية ومواردها، جهودها في مساعدة العالم لتحقيق أقصى استفادة من العلوم الحديثة للوقاية من السرطان والوقاية من مرض السكري».

وتطرقت جلسة «ماذا لو تجنبنا التحيز في جمع البيانات الصحية؟» التي شارك فيها كل من البروفيسورة أنجيلا ماس، أستاذة طب القلب النسائي بالمركز الطبي بجامعة رادبود، والدكتورة ليزا فالكو، استشارية الذكاء الاصطناعي والبيانات لدى مجموعة «زولكي»، والدكتورة شايستا حسين، المؤسِسة والرئيسة التنفيذية لـ «سيف تشيك»، إلى أهمية الحياد والشمول في التعامل مع البيانات الصحية والطبية مستقبلاً.

وأكد المتحدثون أهمية عدم التحيز في مدخلات الذكاء الاصطناعي لإدارة البيانات الصحية والطبية للأفراد على اختلاف أعراقهم وأجناسهم، داعين إلى التركيز على تفعيل تحليل البيانات الضخمة ونمذجتها على الأساس العلمي الحيادي والمتوازن.

أما جلسات محور «مستقبل الأنظمة البيئية» في اليوم الثاني من «منتدى دبي للمستقبل 2024» فبحثت «كيف سيعزز الذكاء الاصطناعي قدرتنا على التواصل مع البيئة؟» و«تصميم مدن المستقبل والدروس المستفادة من التجارب الناجحة» و«هل سينجح البشر في مواجهة تداعيات التغير المناخي؟».

ذكاء من أجل البيئة

واستضافت جلسة «كيف سيعزز الذكاء الاصطناعي قدرتنا على التواصل مع البيئة؟» حواراً بين جاين لاوتون، مديرة الأثر في مشروع «إيرث سبيشز بروجكت»، والدكتور كورت فان مينسفورت، زميل مبادرة شبكة «نكست نيتشر نتوورك»، والدكتور عبد الرحمن المحمود، الخبير بمكتب وزير الدولة للذكاء الاصطناعي.

وأجمع المتحدثون على دور إيجابي مستقبلي ممكن للذكاء الاصطناعي في تعزيز فهم البشر لبيئة الكوكب بشكل أفضل.

وقالت جاين لاوتون: «لحل أزمة التنوع البيولوجي والمناخ، علينا أن نتعلم كيفية الاستماع إلى الطبيعة وفهمها بشكل أفضل وأن نتذكر بشكل أساسي أننا جزء من الطبيعة ولسنا منفصلين عنها».

وأضافت: «يفتح الذكاء الاصطناعي إدراكنا بشكل أوسع، مما يجعل ما لم يكن موجوداً من قبل مرئياً أو مسموعاً. والخطر الأكبر أن نستخف بهذه التكنولوجيا».

وبدوره، قال دكتور كورت فان مينسفورت: «كل ابتكار جديد يمنح البشرية فرصاً جديدة، ولكنه يشكل كذلك مخاطر ومسؤوليات جديدة. وهو تناغم بين علم الأحياء والتكنولوجيا. ونحن بحاجة إلى إيجاد توازن بين المحيط الحيوي والغلاف التكنولوجي».

وضمت جلسة «تصميم مدن المستقبل والدروس المستفادة من التجارب الناجحة» كلاً من ثيريشن جوفندر، مؤسس مؤسسة «اربن ووركس»، وهدى الشكعة، مديرة قسم الاستراتيجية والتخطيط الحضري في «جيهل أركيتكس» بدولة الإمارات.

عرضت هدى الشكعة مشروعاً حول الانتماء الحضري تم تنفيذه في مدينة كوبنهاجن، حيث يركز المشروع على رؤية المدن بعيون القاطنين فيها من حيث الطبيعة والمكان والهوية، فضلاً عن التعرف على الأشخاص الذين شعروا بالانتماء القوي للأحياء التي يعيشون فيها. وتوصل المشروع إلى أن الأشخاص الذين يعيشون في أحياء لا تتصل بالطبيعة يفتقرون إلى الانتماء للمحيط الذي يعيشون فيه.

بدوره تحدث جوفندر عن مشروعه الذي تم تنفيذه في إحدى مدن جنوب أفريقيا. وأضاف إنه في ظل تسارع وتيرة التنمية الحضرية، تتنامى أهمية التسامح والتعاطف مع الآخرين، ولذا من الضروري معرفة طرق استخدام للمساحات العامة لتوفير البنية التحتية التي تلبي احتياجات الناس.

مستقبل العمل المناخي

أما جلسة «هل سينجح البشر في مواجهة تداعيات التغير المناخي؟» فجمعت كلاً من الدكتور رنزو تادي، المحاضر في العلوم الإنسانية بالجامعة الفيدرالية في ساو باولو، وماثيوس هونيغر، مدير التدخلات المناخية بالمركز الدولي لأجيال المستقبل، والدكتورة لورينا سابينو، أستاذة العلوم البيئية بجامعة الفلبين لوس بانوس.

وناشد المتحاورون الدول والمجتمعات والمؤسسات والأفراد للتعاون وتوحيد الجهود من أجل مواجهة تداعيات التغير المناخي.

وقال الدكتور رينزو تادي «إن تغيير التركيب الكيميائي لطبقة الستراتوسفير من شأنه أن يؤثر على الكوكب بأكمله، بما في ذلك عملية التمثيل الضوئي وأنماط الطقس مثل الرياح الموسمية، ونحن نتجه نحو لحظة قد تسمح لنا فيها التكنولوجيا بإيقاف الأعاصير أو الزلازل، مما يثير أسئلة وجودية».

أما ماثيوس هونيغ، فقد أكد أن معظم كوكب الأرض عبارة عن محيطات، مشيراً إلى أن المخاطر ستكون شديدة إذا لم تتم حوكمة الهندسة الجيولوجية وفق اتفاق عالمي أوسع نطاقاً.

وبدورها، قالت الدكتورة لورينا سابينو: «من دون الهندسة الجيولوجية، نعتمد على مدى فعالية أساليب التكيف وخفض الانبعاثات، ولكن مع الهندسة الجيولوجية، هناك تأثير تبريد فوري، على الرغم من أنها لا تعالج الأسباب الجذرية مثل الغازات الدفيئة».