الإمارات والبابا فرنسيس.. علاقة استثنائية من أجل الإنسانية

ارتبطت دولة الإمارات بعلاقة استثنائية بقداسة البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، الذي وافته المنية أمس عن عمر ناهز 88 عاماً، توجت هذه العلاقة بزيارة تاريخية إلى العاصمة أبوظبي في فبراير 2019، كانت الأولى من نوعها إلى شبه الجزيرة العربية.

حيث شارك البابا فرنسيس خلال هذه الزيارة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، في توقيع «وثيقة الأخوة الإنسانية»، التي كانت إعلاناً مشتركاً يدعو إلى السلام العالمي والتعايش بين الأديان.

نموذج عالمي

وخلال الزيارة وصف البابا فرنسيس الإمارات بأنها نموذج عالمي في التعايش والتسامح، وأنها المركز الحضاري الذي يجمع بين الثقافات والأديان، وعبّر في أكثر من مناسبة عن تقديره الكبير لدور الدولة في تعزيز ثقافة السلام، وبناء جسور الحوار والانفتاح بين الشعوب.

مشيداً بجهود القيادة الإماراتية وشعبها في ترسيخ قيم الأخوة الإنسانية ومكافحة التطرف. وشهدت تلك الزيارة للبابا إقامة قداس تاريخي حضره أكثر من 120 ألف شخص، في واحد من أكبر التجمعات المسيحية التي نظمت في المنطقة، وقد شكلت هذه الزيارة لحظة فارقة في مسار الحوار بين الأديان، وعززت من مكانة الإمارات كمنصة عالمية للتسامح والتعايش.

ترحيب عالمي

وحظيت «وثيقة الأخوة الإنسانية» بترحيب عالمي واسع، إذ حضر مراسم توقيعها في صرح زايد المؤسس بأبوظبي نحو 400 شخصية من قيادات الأديان والثقافات من مختلف أنحاء العالم، أعقب ذلك الإعلان عن تشكيل لجنة عليا لتحقيق أهداف الوثيقة، تضم شخصيات دينية وثقافية من ديانات وخلفيات متعددة، بهدف تنفيذ برامج ومبادرات تُعزز من مبادئ الوثيقة على المستويات الإقليمية والدولية.

وفي يوليو 2021، خطت الإمارات خطوة إضافية في مسار تعزيز هذه المبادئ، بتوقيع مذكرة تفاهم بين وزارة التربية والتعليم الإماراتية، ومجمع التعليم الكاثوليكي في الفاتيكان، وذلك بهدف دعم التعليم المشترك كأداة لنشر ثقافة اللقاء والسلام.

ذكرى الوثيقة

وجاء تتويج هذا المسار في فبراير 2021 عندما اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع يوم 4 فبراير من كل عام يوماً دولياً للأخوة الإنسانية، إحياءً لذكرى توقيع الوثيقة، وتأكيداً على أهميتها في ترسيخ مبادئ التسامح والسلام بين الأمم.

وكان الراحل قداسة البابا فرنسيس عبّر في الكلمة التي ألقاها خلال زيارته لدولة الإمارات عن سعادته العميقة بالتواجد في هذا البلد، وشبَّه رحلته إلى الدولة بـ«غصن الزيتون» الذي يرمز للسلام والمحبة.

ملتقى الثقافات

وأشاد خلال كلمته بدولة الإمارات وبعد نظر قادتها وحكمتهم التي جعلت من الصحراء أرضاً مزدهرة ومضيافة، وكيف حولت المكان الذي كان يوماً ما حاجزاً طبيعياً قاسياً إلى ملتقى للثقافات والديانات.

وذكر في كلمته أن صحراء الإمارات لم تُزهر لأيام فقط، بل ستستمر في الازدهار لسنوات قادمة، بفضل الروح المتجددة لهذا البلد، «فالأرض التي تلتقي فيها الرمال بناطحات السحاب أصبحت نقطة وصل بين الشرق والغرب، وبين الشمال والجنوب، وموطناً للفرص والعمل لشعوب من مختلف الدول».

صفحة جديدة

وقبل زيارته إلى أبوظبي في 2019 وجّه البابا رسالة مصوّرة أعرب فيها عن سعادته لزيارة دولة الإمارات، حيث وصفها بأنها صفحة جديدة من تاريخ العلاقات بين الأديان والتأكيد على الأخوة الإنسانية، كما قدم خلال الرسالة شكره إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، لدعوته للمشاركة في لقاء «الإخوة الإنسانية».

ووصف الراحل دولة الإمارات بأرض الازدهار والسلام، دار التعايش واللقاء، التي يجد فيها الكثيرون مكاناً آمناً للعمل والعيش بحرية تحترم الاختلاف، وأعرب حينها عن سعادته بالزيارة قائلاً: «أستعد بفرح للقاء وتحية عيال زايد في دار زايد».