الإمارات تمنح مصابي السرطان شهادة حياة

الفحوصات المبكرة وقاية من المرض
الفحوصات المبكرة وقاية من المرض

شيرين فاروق وجميلة إسماعيل

«مصاب بالسرطان» الخبر الفاجعة الذي لا يريد أحد سماعه من فم طبيب، ولكن عند وقوعه لا بدّ أن نأخذ جرعة الأمل قبل التفكير بجرعة الكيماوي.. لا بدّ من البحث عن نافذة للحياة قبل التفكير في النهاية المحتومة، هذا حال كل مصاب، لكن من بين ركام الألم تبزغ بارقة نور؛ هنا في الإمارات، حيث المراكز المتخصصة والعناية الفائقة وأيادي الخير للمحتاج تبلسم همه، وتمنحه شهادة حياة يتجاوز بها حدود خوفه.

وكللت دبي جهودها الخيرة بالإعلان عن وضع حجر الأساس لـ«مستشفى حمدان بن راشد للسرطان» التابع لدبي الصحية، كأول مستشفى متكامل وشامل للسرطان على مستوى إمارة دبي، باستثمار 1.2 مليار درهم ليكون منارة أمل جديدة لمرضى السرطان للعلاج بالمجان، تتفتح معه آفاق منح الكثيرين الحياة من جديد والمقرر افتتاحه 2026.

وسيوفر المستشفى الذي سُمّي تيمناً بالشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، رحمه الله، خدمات رائدة لمرضى السرطان في أقسام العيادات الخارجية، والخدمات الإسعافية والتشخيصية، وللمرضى المقيمين، إلى جانب العلاجات الجراحية، وستقدم تلك الخدمات الصحية في بيئة تدعو للفخر لمستوى الرعاية الشخصية للمرضى، وسيتم قبول المرضى من أي مكان في الإمارات العربية المتحدة في المستشفى.

وستكون الخدمات الطبية المقدمة إما مجانية أو مدعومة بقدر كبير لتخفيف العبء المالي عن كاهل المرضى غير القادرين على تحمل تكاليف الرعاية الصحية عالية الجودة.

وأعلنت دبي الصحية، أول نظام صحي أكاديمي متكامل في إمارة دبي، عن افتتاح المستشفى الذي تبلغ مساحته 56000 متر مربع، في العام 2026 مدعوماً بالتبرعات التي تستقبلها مؤسسة الجليلة -التي تقود ركيزة العطاء في دبي الصحية- من قبل المانحين من أفراد ومؤسسات، لبناء المستشفى تأكيداً لمبدأ المسؤولية المجتمعية.

تقرير دولي

أكد تقرير الوكالة الدولية لبحوث السرطان (IARC) الصادر العام 2023 أن الإمارات من أفضل الدول في مؤشرات مرض السرطان من حيث نسب الشفاء والاكتشاف المبكر للمرض وانخفاض الوفيات، وقدّرت منظمة الصحة العالمية أن عدد المرضى الذين يشخصون بالسرطان سنوياً بنحو 734 ألف شخص في إقليم المتوسط، فيما سجلت الإحصاءات الرسمية للسجل الوطني للأورام أن نسب الإصابة بالسرطان في الدولة من الأدنى عالمياً، حيث تبلغ نسبتها 46.1 حالة لكل 100 ألف من السكان وهو الأقل بين دول المنطقة، كما كشفت دراسة حديثة صادرة عن الوكالة الدولية لأبحاث السرطان، التابعة لمنظمة الصحة العالمية، أن الإمارات ضمن أقل خمس دول عالمياً في معدل الوفيات الناتجة عن السرطان، فيما أظهرت الإحصاءات الرسمية أن دولة الإمارات هي الأعلى في نسب الشفاء عالمياً بالنسبة لسرطان الثدي.

وزادت الإمارات اهتمامها بالشراكات العالمية، حيث أطلقت «أسترازينيكا» الشركة العالمية المتخصصة في الصناعات الدوائية القائمة على البحث العلمي العقار الدوائي الثوري الجديد (تريميليموماب) في الدولة لتكون من أوائل دول منطقة الشرق الأوسط في الحصول على هذا العقار.. وهو الابتكار الدوائي الذي يعد نقلة نوعية في علاج السرطان، إذ يستهدف علاج العديد من الأورام السرطانية.

واهتمت الحكومة بنظام مكافحة المرض من خلال توفير أحدث المستشفيات والمعدات والتكنولوجيا لتكون الإمارات الأولى في منطقة الشرق الأوسط في تطبيق تقنيات جديدة تستخدم لعلاج أنواع عديدة من السرطان تشمل التبخير الكيميائي وزراعة مضخة لعلاج سرطان الكبد والقولون وهذه من أحدث طرق علاج سرطان الجهاز الهضمي.

تقرير

وأفاد تقرير صادر من وزارة الصحة ووقاية المجتمع بأن نسبة حالات السرطان الجديدة بين المواطنين من إجمالي حالات السرطان في الدولة، في تحسن ملحوظ، وتُعد مُستقرّة خلال السنوات الثلاث الأخيرة، حيث تحسنت النسبة من 28% إلى 25.8% وفقاً لأحدث إحصاءات السجل الوطني للسرطان، مؤكداً أن المقارنات المعيارية الدولية التي أجرتها الوكالة الدولية لبحوث السرطان، التابعة لمنظمة الصحة العالمية، تشير إلى أن عدد حالات السرطان الجديدة التي تكتشف في الدولة تعتبر قليلة مقارنة بعدد السكان، وذلك بسبب الجهود التي تبذلها الدولة في مكافحة مرض السرطان من خلال خفض معدلات الإصابة والوفيات الناتجة عنه.

ريادة إماراتية

وأفادت الدكتورة بثينة بن بليلة، نائب رئيس اللجنة الوطنية لمكافحة السرطان، رئيسة قسم الأمراض غير السارية بوزارة الصحة ووقاية المجتمع، بأن التقارير الدولية أكدت أن دولة الإمارات تعتبر من الدول الرائدة في مجال الخدمات الصحية المقدمة لمرضى السرطان، لاسيما أن انتشار مرض السرطان في الدولة لايزال أقل من معدلات انتشاره في العالم، وأنه في إطار توجهها الاستراتيجي لخفض نسبة أمراض السرطان في الدولة وفق المؤشر الوطني المدرج ضمن أهداف الأجندة الوطنية، أطلقت وزارة الصحة العديد من البرامج والحملات الصحية للوقاية من مرض السرطان، كاشفة عن أن هناك اتجاهاً لإدراج الكشف المبكر عن سرطان الرئة ضمن البرنامج الوطني للكشف المبكر.

حملات مستمرة

ولفت الدكتور حسين الرند، وكيل الوزارة المساعد لقطاع الصحة العامة في وزارة الصحة ووقاية المجتمع إلى أهمية التوعية ضد عوامل الخطورة التي تزيد احتمال الإصابة بسرطان الرئة، وزيادة الوعي حول أهمية الكشف المبكر عن سرطان الرئة، والتحذير حول عوامل احتمالية الإصابة ومنها التدخين، أو التعرض للتدخين السلبي، حيث يعد سرطان الرئة الأول عالميّاً من حيث معدل الحدوث بنسبة 11.6% إلى بقية أنواع السرطان الأخرى، وهو المسبب الأول للوفاة بنسبة 18.4% من مجموع حالات الوفاة، حيث تبين أن أعراض سرطان الرئة لا تظهر على معظم المصابين حتى يصلوا إلى مراحل متقدمة.

ونوه الدكتور الرند بحرص الوزارة على مواكبة التطورات العلمية في مجال مكافحة هذا المرض، وتوفير معلومات موثوقة وشاملة للمهنيين الصحيين لدعم جهود تعزيز الوقاية من سرطان الرئة، وأن الشراكات الاستراتيجية مع المؤسسات العالمية الرائدة لتعزيز برامج الكشف المبكر عن سرطان الرئة وعوامل الخطر أثبتت فاعليتها.

اعتمادمن ناحيته أفاد البروفيسور الدكتور حميد الشامسي، رئيس جمعية الإمارات للأورام، بأنه تم اعتماد دواء جديد لعلاج سرطان الرئة في الدولة منذ عام 2021 بعد اعتماده في الولايات المتحدة الأمريكية، موضحاً أنه علاج جيني، يستفيد منه 13% من مرضى سرطان الرئة ذوي الحالات المتقدمة.

ولفت الشامسي إلى أن العلاج يعتمد على عدة عوامل، مثل الوضع الصحي العام للمريض، نوع السرطان ودرجته، وخيارات المريض الشخصية وتتضمن الجراحة، والمعالجة الكيميائية، والمعالجة الإشعاعية، والمعالجة الدوائية المركزة، وبالنسبة لوصف المرض فهو نمو غير متحكم به لخلايا غير طبيعية في إحدى أو كلتا الرئتين، هذه الخلايا غير الطبيعية لا تقوم بمهام خلايا الرئة الطبيعية ولا تتطور إلى أنسجة رئة سليمة، فتتشكل الأورام وتعيق عمل الرئة، ويمكن أن تشمل علامات وأعراض سرطان الرئة، والسعال المستمر، والسعال الدموي، وضيق في التنفس، وألم في الصدر، والصفير، وبحة في الصوت، وفقدان الوزن بدون سبب، وآلام في العظام، والصداع.دعم الأبحاث.

وأكد البروفيسور حميد الشامسي أنه من الناحية البحثية تسعى دولة الإمارات إلى بناء قاعدة قوية للبحوث المتعلقة بالأورام، فهناك تعاون مستمر بين المؤسسات الأكاديمية والطبية لإجراء الدراسات السريرية والبحوث الجينية لفهم طبيعة السرطان في المنطقة. وأحد المشاريع الرائدة هو التركيز على دراسة السرطانات ذات البداية المبكرة في الإمارات لفهم العوامل البيئية والجينية المسببة لها، وهي مبادرة فريدة من نوعها على مستوى العالم العربي.

وأشار الشامسي إلى أنه من أبرز العلاجات الحديثة التي تُستخدم حالياً في علاج الأورام هي العلاجات المناعية، هذا النهج يعمل على تعزيز جهاز المناعة ليتمكن من التعرف على الخلايا السرطانية ومهاجمتها بشكل فعال، كذلك استخدام الطب الشخصي أو الطب الدقيق، وهو نهج يعتمد على تحليل الجينوم الخاص بالمريض لتحديد العلاج الأمثل بناءً على الخصائص الفردية للأورام.

ولفت إلى أنه علاوة على ذلك، يُستخدم العلاج الإشعاعي المتقدم بشكل متزايد في علاج الأورام، إضافة إلى استخدام التكنولوجيا الحديثة مثل العلاج بالبروتونات توفر وسيلة دقيقة لاستهداف الأورام، مما يقلل الضرر الذي قد يلحق بالأنسجة السليمة المحيطة.

إلى ذلك، أكد عوض الساعدي المدير الإداري لجمعية الإمارات للسرطان أنه ومع مرور الوقت اتسع نطاق الجمعية الجغرافي، ليتعدى منطقة العين بافتتاح أفرع في أبوظبي وعجمان ورأس الخيمة، إضافة إلى فرع جديد سيتم افتتاحه قريباً، لافتا إلى أن ما حققته الجمعية من إنجازات، يؤكد أن العمل الخيري مثمر ومستمر وأن هذه هي الامارات.

وجهة علاجية

وقال الدكتور وسام أحمد، رئيس قسم أمراض الدم، والأورام الطبية، وزراعة نخاع العظام: إن الإمارات أصبحت وجهة علاجية مهمة للأشخاص الذين يعانون من الأورام السرطانية وسرطان الدم للعديد من الجنسيات سواء المقيمين على أرضها أو السائحين المرضى بعد أن تم شفاء حالات مستعصية قادمة من خارج الدولة.

ولفت الدكتور وسام إلى أنه من حوالي 7 أو 8 سنوات كان مرضى سرطان الدم يخضعون لنفس العلاج إلا أنه تبين استجابة البعض للعلاج وعدم استجابة الآخر، واتضح أن الفحوصات الجينية أثبتت ارتباطاً وثيقاً بحالة كل شخص ودراسة كل حالة على حدة لتحديد خطة علاج تتناسب مع حالة كل مريض، ونتج عن الأمر حالات شفاء واضحة في وقت قياسي.

ونوه الدكتور وسام بأن أحدث علاج لسرطان الدم اعتمدته هيئة الغذاء العالمية ومطبق في الإمارات هو استخدام الخلايا المناعية للمريض نفسه ومنها الخلايا المعدلة وراثياً، والتي تقوم بقتل الخلايا السرطانية، وأن هذا العلاج أشبه بجهاز المغناطيس لجذب الخلايا السرطانية، كما أن هذا العلاج آثاره الجانبية أقل من العلاج الكيميائي.

وأشار إلى أنه أقل من 5% من سرطانات الدم ينتج عن الوراثة إلا أنه يوجد علاقة وثيقة بين أنواع السرطانات وبعض العادات ومنها العلاقة القوية بين التدخين وسرطان الرئة.

الكشف المبكر

ومن جانبها لفتت الدكتورة كارلا الحاج، استشاري الأورام، إلى أن العلاج بالأشعة أخف من العلاج الكيماوي في جميع أنواع الأمراض، لافتة إلى الدور الذي يلعبه الاكتشاف المبكر لسرطان الدم، والذي تتمثل أعراضه في التهابات الرئة أو سيولة في الدم أو زيادة فرص التجلط كذلك نزيف المخ أو فشل كلوي.

وأشارت الدكتورة كارلا إلى أن أمراض الدم تضعف الجهاز المناعي وتؤدي إلى الوفاة في أغلب الأحيان خاصة مع التقدم في العمر ووجود ضعف في المناعة خاصة الذين يعانون من أمراض مزمنة، لذلك من الضرورة جداً الاهتمام بالفحوصات الدورية كل 6 أشهر على الأقل.

زيارة ميدانية

أكد محمد صالح، المدير الإداري لمركز الأورام في مستشفى توام، أن المركز يعتمد تقنيات حديثة تقوم على الذكاء الاصطناعي في استخدام وتحليل الأنسجة من المصابين بالأورام، بحيث يتم التعرف إلى الجينات الوراثية للمريض، ومن ثم تصميم طريقة علاج وفق الجينات الوراثية لكل مريض.

وحرصت «البيان» على زيارة المركز، والتقت نخبة من المسؤولين الذين أكدوا أنه في العام 2024 تم تقديم الرعاية لحوالي 2000 حالة، محققين نتائج مميزة، حيث تعدت نسبة الشفاء 80% للحالات في مرحلة التشخيص والمرحلة المبكرة أو الأولى من المرض، مؤكدين أنه يتم تطبيق العلاج الجراحي أو الإشعاعي أو العلاج الكيميائي أو الأدوية الذكية والمناعية، والعلاج من خلال جهاز «سايبر نايف» وهو نظام جراحي إشعاعي روبوتي متطور ومرتبط بتقنيات الذكاء الاصطناعي.

وأفاد صالح بأن ركن الأورام في توام ريادته في تقديم رعاية شاملة وعالمية المستوى مدعوماً ببنية تحتية قوية وفريق متخصص من الخبراء ملتزم بتحقيق أفضل النتائج للمرضى، وتشمل مرافق المرضى الداخليين في المركز 69 سريراً موزعة على أربع وحدات متخصصة منها 19 سريراً في وحدة الأورام، 21 سريراً في وحدة أمراض الدم، 18 سريراً في وحدة أورام الأطفال، و11 سريراً في وحدة الرعاية التلطيفية.

ولتلبية الطلب المتزايد على الخدمات، نخطط لتوسعة كبيرة في عام 2025 لإضافة 31 سريراً جديداً، مما يرفع إجمالي القدرة الاستيعابية إلى 100 سرير.

ونوه صالح بأن العيادات الخارجية، تدعم المرضى البالغين بـ 36 كرسياً وسريراً للعلاج الوريدي و16 عيادة متخصصة، بينما يستفيد مرضى الأطفال من 13 سريراً للعلاج الوريدي وأربع عيادات مخصصة لعلاج الحالات الخبيثة والحميدة، كما يضم فريق جراحة الأورام 20 استشارياً بخبرات دولية، متخصصين في جراحات السرطان، ويقدم فريق الأورام الطبية، الذي يتكون من ثمانية استشاريين معتمدين دولياً، علاجات متقدمة مثل العلاج الكيميائي، العلاج الموجه، والعلاج المناعي، وفقاً لأحدث الإرشادات الدولية.

ويشمل قسم أمراض الدم أربعة استشاريين يعالجون مجموعة واسعة من الاضطرابات الحميدة والخبيثة، مع تحويل حالات زراعة نخاع العظم إلى مراكز وطنية أخرى.

بالإضافة إلى ذلك، يضمن فريق أورام الأطفال، الذي يضم ثلاثة استشاريين وأربعة متخصصين، تقديم رعاية عالية الجودة للمرضى الأطفال، موضحاً بأن قسم العلاج الإشعاعي يتسم بأحدث التقنيات المتقدمة، بما في ذلك مسرّعان خطيان، وحدة العلاج الإشعاعي الداخلي (براكي ثيرابي)، وجهاز «سايبر نايف» - وهو الوحيد من نوعه في الدولة.

يوفر جهاز «سايبر نايف» علاجاً دقيقاً للمواقع الحساسة والمعقدة مثل الدماغ، العمود الفقري، الكبد، والبنكرياس، كما يُستخدم أيضاً لعلاج الحالات غير الخبيثة.

وأشار صالح إلى أن المركز الوحيد خارج الولايات المتحدة والأول في الشرق الأوسط الذي يمتلك تقنية «هيستوسونيك هيستوتريبسي» المبتكرة، والتي تُستخدم لعلاج آفات الكبد المحددة، وأنه تتم مراجعة جميع خطط العلاج من قبل 12 مجلساً متعدد التخصصات لضمان اتباع نهج تعاوني لكل مريض، مؤكداً تحقيق معدلات نسبة شفاء عالية، فمثلاً لسرطان الثدي في المرحلة الأولى والثانية تبلغ من 100-90% ؜وبنسبة شفاء تعادل 70% للمرحلة الثالثة وبمعدل 30-25% من المرحلة الرابعة على مدى خمس سنوات.

تقنية متطورة

وأفاد الدكتور عبدالرحمن سليمان بن سميدع، المدير الطبي للعلاج الإشعاعي في مركز الأورام بمستشفى توام، بأن ما يميز المركز احتواءه على جهاز CyberKnife، وهو تقنية متطورة، ونظام جراحي إشعاعي روبوتي متطور، كما يقدم علاجاً إشعاعياً بدقة عالية تصل إلى أقل من المليمتر، والقدرة على معالجة الأهداف المتحركة، بمعنى أنه يعالج الأورام المتحركة، مثل تلك التي تتأثر بالتنفس، كما أن الجهاز يلغي الحاجة إلى تثبيت المريض أو استخدام تقنيات حبس النفس، وحماية الأنسجة السليمة، بحيث يقلل من الضرر على الأنسجة السليمة المحيطة، ويوفر خيار علاج غير جراحي للأورام المعقدة وصعبة الوصول، ومناسباً لعلاج الأورام في الدماغ، والعمود الفقري، والرئتين، وأكثر، وتُقدر قيمة الجهاز 30 مليون درهم.

علاج

ولفت الدكتور خليفة محمد الكعبي، استشاري الأورام والعلاج الإشعاعي في مركز الأورام بمستشفى توام، إلى «أن من أهم طرق العلاج الحديثة المستخدمة في المستشفى إعطاء أدوية ذكية دقيقة للمرضى تستهدف قتل الخلايا السرطانية من خلال تحديد مستقبلات محددة على الخلايا السرطانية فقط دون تأثير على الخلايا الطبيعية الأخرى عكس ما كان في السابق والمتعارف عليه بإعطاء أدوية تستهدف قتل الخلايا السرطانية والخلايا الطبيعية».

جمعية أصدقاء مرضى السرطان

منذ 25 عاماً انطلقت «جمعية أصدقاء مرضى السرطان» في الإمارات لنشر الوعي بالمرض، وتعزيز الشراكات، وترسيخ دورها ومكانتها الرائدة في جهود مكافحة السرطان والوقاية منه، مما أسهم في إحداث تغيير إيجابي وتحول جذري في حياة المرضى، عبر الرعاية الطبية والنفسية، والمناصرة، والدعم المجتمعي التاريخية، حيث قدمت 9 ملايين درهم لدعم 400 مصاب بالمرض خلال عام 2024، كما نظمت 59 فعالية لتقديم الدعم المعنوي والنفسي، شهدت حضور 2070 شخصاً من المرضى وعائلاتهم وأصدقائهم.

فعاليات توعوية

وقالت عائشة الملا، مديرة جمعية أصدقاء مرضى السرطان لـ«البيان»: «أسهم التزام الجمعية الراسخ بالكشف المبكر عن السرطان، وتثقيف أفراد المجتمع، بتسهيل تقديم 18300 فحص طبي مجاني للكشف المبكر عن سرطان الثدي، و1328 فحص ماموغرام، إلى جانب تنظيم مجموعة كبيرة من الأنشطة والفعاليات خلال حملة القافلة الوردية، حيث نظمت الجمعية أكثر من 150 فعالية توعوية ناقشت موضوعات طبية وصحية مهمة، منها صحة الجلد، وسرطان الأطفال، وصحة الرجل، وشهدت مشاركة أكثر من 10000 شخص، وتم دعم هذه الجهود بأكثر من 9000 ساعة تطوعية من الخدمات التي قدمتها الكوادر الطبية المتخصصة».

جمعية الإمارات للسرطان

أكد الدكتور سالم محمد بالركاض العامري، رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للسرطان، أن الجمعية نظمت في العام الماضي 2023 أكثر من 100 مبادرة وفعالية ونشاط، وعقد 5 اتفاقيات تعاون، إلى جانب تقديم دعم للمستفيدين بقيمة 1.563.624 درهماً، وتفصيلاً تم تقديم دعم علاجي لعدد 144 مستفيداً، وبلغت قيمة دعم المستحقين بواقع 951543 درهماً، إضافة إلى تقديم إعاشة شهرية لعدد 78 فرداً مستفيداً، وبلغت قيمة دعم المستحقين 166200 درهم، وهناك أيضاً ما يطلق عليه متأخرات مرافق لعدد 13 مستفيداً، وبلغت قيمة الدعم 35756 درهماً، إلى جانب تقديم الدعم للمستفيدين من جانب متأخرات إيجارية لعدد 65 مستفيداً، بواقع مبلغ 177823 درهماً، وتقديم ضمان صحي لعدد 51 مستفيداً بقيمة 101116 درهماً.

كما كشف الدكتور سالم بن ركاض العامري بأنه خلال العام الجاري تم تقديم الدعم المادي لعلاج 81 أنثى بمبلغ 1176548 درهماً، وهن مصابات بأنواع مختلفة من السرطان، ومنها 50 سيدة مصابة بسرطان الثدي.

كما تمت إعانة وإعاشة 35 سيدة بمبلغ 216000 درهم، ودعمهن أيضاً بالتأمين الصحي بمبلغ 98388 درهماً، وبواقع 15 جنسية، أما فيما يتعلق بتقديم الدعم للذكور، فتم دعم 48 مريضاً، بواقع 650968 درهماً، منوهاً بأن إجمالي الدعم المقدم للحالات المسجلة في جمعية الإمارات للسرطان حتى منتصف شهر ديسمبر الجاري 1827516 درهماً.

أجهزة ذكية

قال الدكتور محمد البشير، استشاري الجراحة العامة وجراحة الثدي: «إن الذكاء الاصطناعي لا يقتصر على العلاج فقط، بل يشمل متابعة المريض بعد العلاج يمكنه مراقبة العلامات الحيوية وأي أعراض محتملة للانتكاس من خلال الأجهزة القابلة للارتداء أو تطبيقات الهاتف الذكي، مما يتيح التدخل المبكر إذا لزم الأمر، كما يسهم في إدارة بيانات المرضى بشكل أفضل، مما يُسهل على الأطباء الوصول إلى المعلومات واتخاذ القرارات بسرعة»، موضحاً بأنه من الناحية البحثية، يسرّع الذكاء الاصطناعي تطوير أدوية جديدة من خلال محاكاة تأثيرات الأدوية المحتملة على الخلايا السرطانية، مما يقلل من الوقت والتكلفة المرتبطة بالتجارب التقليدية، كما يُستخدم لتحليل كميات هائلة من البيانات الطبية بهدف اكتشاف أنماط أو روابط جديدة قد تؤدي إلى تحسين فهمنا للسرطان.

أكد مكتب شرق المتوسط في منظمة الصحة العالمية «إمرو»، أنه على الرغم من التطورات الإيجابية التي جرت في بعض دول إقليم المنطقة، فإنه «تظل الوقاية من السرطان ومكافحته في مرحلة «مبكرة جداً» من التطور والحاجة إلى مزيد من الجهد والمخصصات المالية كبيرة وماسة وأنه من أجل العمل على الوقاية والسيطرة على السرطان عالمياً يتوجب اتباع 6 حلول وهي: الحوكمة، والوقاية، والكشف المبكر، والعلاج، وتوفير الرعاية التلطيفية في المراحل المتقدمة، وأخيراً تكثيف البحث العلمي والدراسات السريرية.

ناجيات من السرطان.. بطلات يبدلن جرعة «الكيماوي» بالأمل

تجارب عدة مرّت بها ناجيات من السرطان بحلوها ومرها، وبكل منعطفاتها التي شكّلت جزءاً من نضجهن، وجعلت منهن بطلات انتصرن في معركتهن بالأمل والإصرار والعزيمة، ورأين النور في معنى جديد للحياة، إنهن الناجيات من السرطان.

ورم يزن 6.6 كجم

لم تكن تتخيل تلك الفتاة الآسيوية أنها ستستعيد حياتها من جديد بعد استئصال ورم من المبيض يزن 6.6 كجم بنجاح على يد الأطباء في مستشفى توام، حيث حظيت عملية إزالة الورم الذي بلغ قطره 30 سم بإشادة كبيرة باعتبارها إنجازاً مهماً، في ظل صعوبة إزالة أورام المبيض كبيرة الحجم إذا كان قطرها بين 5 - 15 سم، إلا إذا تم تشخيصها في مرحلة مبكرة وكانت المريضة تعاني أعراضاً منهكة، بما في ذلك التورم والألم، وصعوبات في التنفس قبل دخولها المستشفى.

حالة أخرى هي لمقيمة عربية تتلقى علاجاً مجانياً بـ3 ملايين درهم خلال 5 أعوام.. فبين ليلة وضحاها تبدلت حياة «حنان» التي تحمل الجنسية العربية بعد أن اكتشفت إصابتها بسرطان الدم، فزوجها موظف بسيط وهي ربة أسرة وأم لثلاثة أطفال تقيم في الإمارات منذ 10 سنوات، توجهت إلى أحد المستشفيات المتخصصة في علاج الأورام وكلها أمل في إيجاد حل.

خضعت «حنان» للعلاج لمدة قاربت خمس سنوات تلقت فيها الدعم المادي والنفسي والمعنوي لها ولأسرتها وتكلف علاجها 3 ملايين درهم وتتماثل حالياً للشفاء.

إلى ذلك، لم تشعر «ل. د»، التي تبلغ من العمر 55 عاماً، بأي علامات للإرهاق أو التعب، وخلال فعاليات أكتوبر، شهر التوعية بسرطان الثدي وعبر توفير فحوصات مجانية من الجهات الصحية في مختلف أنحاء الإمارات، أجرت فحص الماموغرام، وتم تشخيص إصابتها بسرطان الثدي، وكانت صدمة كبيرة لها، لعدم وجود تاريخ إصابات بالسرطان في عائلتها، وانقلبت حياتها رأساً على عقب، في ظل ظروفها المادية، والبحث عن الدعم اللازم للعلاج.

حيث بدأت رحلة علاجها بعملية جراحية لاستئصال الورم، ولكن تبين وجود بقايا للورم في بعض المناطق، وخضعت لعمل جراحي ثانٍ، وأظهرت الفحوصات الطبية والمخبرية عدم انتقال الورم إلى أي مناطق أخرى، وعدم الحاجة للعلاج الكيميائي أو الإشعاعي.