حذر أطباء وخبراء تغذية وصحة نفسية من مخاطر الهوس المرضي بالنحافة واتباع معايير جمال صارمة، مؤكدين أن هذا الهوس يقود المتأثرين إلى اضطرابات خطيرة، مثل الشره المرضي «البوليميا»، وفقدان الشهية العصبي «الأنوركسيا نرفوزا»، وأوضحوا أن هذه الاضطرابات ناتجة عن ضغوط نفسية تدفع البعض إلى سلوكيات غذائية مدمرة، مثل الامتناع الصارم عن الطعام أو الإفراط في تناوله ثم التخلص منه بطرق غير صحية، ما يؤدي إلى تداعيات خطيرة على الصحة العامة، تشمل سوء التغذية، وأضراراً في الجهاز الهضمي.
وأكدت نيللي شمس، استشارية التغذية العلاجية والصحة العامة، أن اضطرابات الطعام تنتج عن أسباب متعددة، منها حب التحدي أو الهوس الشديد بالأنظمة الغذائية، الذي يدفع البعض للامتناع عن الطعام لفترات طويلة أو تناول كميات محدودة للغاية، وأشارت إلى الفرق بين اضطرابات الطعام كحالة نفسية مرضية وبين العادات الغذائية غير الصحية، موضحة أن الانتقال من الأكل الطبيعي الفطري إلى اضطراب الشهية يمر بمرحلة انتقالية تتركز حول الهوس بالوزن والطعام، ما يجعل حياة الشخص تدور حول قيود صارمة تؤثر في علاقته بأنواع الطعام.
بدوره، قال الأخصائي محمد غندور إن اضطرابات الأكل الناتجة عن الهوس بمعايير الجمال التي يروج لها المشاهير قد تؤدي إلى مشكلات صحية خطيرة، وأشار إلى أن بعض الأفراد يلجؤون للتقيؤ المتعمد بعد تناول الطعام للتخلص من السعرات الحرارية، ما يسبب تآكل الأسنان، وقرحة المعدة، والتهابات في اللثة، محذراً من عواقب هذه السلوكيات، وأوضح أن تلك التصرفات غالباً ما تكون مرتبطة بأسباب نفسية، حيث يرتبط الطعام بالعواطف وليس بالجوع الفعلي، مشدداً على أهمية مفهوم «التغذية الحسية»، الذي يشجع على تناول الطعام بناءً على الإحساس بالجوع الحقيقي.
وعي نفسي
وعلى صعيد الجانب النفسي، أشارت الأخصائية لين روسي إلى مدى الارتباط الوثيق بين اضطرابات الأكل والصحة النفسية، مؤكدة أن العديد من حالات الإفراط في تناول الطعام أو فقدان السيطرة على عادات الأكل تعود لأسباب عاطفية، وذكرت أن المشاعر السلبية كالاكتئاب والقلق والصدمات النفسية تدفع البعض إلى اللجوء للطعام كوسيلة للتخفيف من الضغط، ما يؤدي إلى أنماط غذائية غير صحية.
رحلة التشافي
قال مرضى اضطرابات الطعام إن سعيهم لتحقيق معايير جسدية صارمة قادهم إلى اضطرابات غذائية أثرت بشكل خطير في صحتهم الجسدية والنفسية، مؤكدين أن تجاربهم كانت بمثابة نداء استيقاظ للبحث عن الدعم والعلاج المناسب.
وذكرت فاطمة الكمالي أن سعيها لتحقيق «الجسم المثالي» وسيطرتها المفرطة على أنواع الطعام كان تجربة مخيفة، تحولت إلى هوس أدى إلى إصابتها باضطراب فقدان الشهية العصبي، وأوضحت أن هذا الهوس تسبب في فقدان كبير للوزن، ما أثر سلباً وبشكل خطير في صحتها الجسدية والنفسية، حتى وصلت حالتها إلى مرحلة خطيرة استدعت دخولها المستشفى، حيث عانت من ضعف شديد ونقص حاد في التغذية، وبدأت رحلة علاجية تضمنت جلسات دعم نفسي، إضافة إلى علاج معرفي سلوكي.
بدورها، تحدثت سارة سالم عن أهمية الدعم النفسي، موضحة أنها خاضت تجربة اضطراب الشره المرضي تحت ظروف ضغوط دراسية واجتماعية دفعتها للإفراط في تناول الطعام ثم التخلص عبر الاستفراغ، وأضافت أنها حاولت إخفاء مشكلتها، إلى أن اتخذت قراراً بطلب المساعدة، ما كان نقطة تحول في رحلتها نحو التعافي، وأكدت أنها اكتسبت خلال جلسات العلاج استراتيجيات صحية للتعامل مع الضغوط، وأنها اليوم تعيش بتوازن وتقدير أكبر لذاتها.