تسريب أتلانتيك الصادم.. خطة الهجوم الأمريكي على الحوثي التي سُرِّبت بالخطأ

كشفت تسريبات عن استخدام مستشاري الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، تطبيق سيجنال لمناقشة خطط هجوم عسكري وشيك على ميليشيا الحوثي، وجاء ذلك بعد تسريب غير مقصود أتاح لرئيس تحرير مجلة ذا أتلانتيك، جيفري غولدبرغ، الاطلاع على تفاصيل المحادثات، الأمر الذي أثار جدلًا واسعًا حول الأمن القومي وسلامة العمليات العسكرية.

عند سؤاله عن هذه التسريبات، نفى وزير الدفاع بيت هيجسيث أن تكون خطط الحرب قد نُقلت عبر الرسائل النصية، مكتفيًا بالقول: "لم يُرسل أحد خططًا للحرب عبر الرسائل النصية. وهذا كل ما لديّ لأقوله في هذا الشأن".

خلال جلسة استماع بمجلس الشيوخ، أكدت مديرة الاستخبارات الوطنية تولسي غابارد ومدير وكالة الاستخبارات المركزية جون راتكليف أن المحادثات لم تتضمن معلومات سرية، مشددين على أن الاتصالات كانت قانونية ومسموحًا بها.

وأكد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الأمر نفسه، نافيًا أن تكون المعلومات المتداولة "سرية".

مخاوف أمنية وتساؤلات حول استخدام Signal

رغم التصريحات الرسمية، أثارت هذه الحادثة قلق الخبراء، حيث أشاروا إلى أن مشاركة معلومات عسكرية حساسة عبر تطبيق غير آمن قد يشكل تهديدًا للأمن القومي.

ووفقًا للتسريبات، تلقى غولدبرغ معلومات عن الهجوم قبل ساعتين من موعد تنفيذ الضربة الجوية، ما كان قد يمنح الحوثيين فرصة لاتخاذ تدابير دفاعية، ما يُعرّض القوات الأمريكية للخطر.

الساعة 11:44 صباحًا بالتوقيت الشرقي، نشر وزير الدفاع الأمريكي بيت هيجسيث رسالة في مجموعة دردشة نصية بحروف كبيرة: "تحديث الفريق:"، متبوعًا بتفاصيل دقيقة عن عملية عسكرية وشيكة. وجاء في الرسالة:

"الوقت الآن (11:44 بالتوقيت الشرقي): الطقس مناسب. تم التأكيد من القيادة المركزية الأمريكية جاهزيتنا للإطلاق." (القيادة المركزية الأمريكية هي المسؤولة عن العمليات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط).

ثم حدد هيجسيث الجدول الزمني للعملية:

12:15 مساءً: إطلاق طائرات F-18 (الضربة الأولى).

1:45 مساءً: تنفيذ الضربة الجوية عبر طائرات F-18 وطائرات بدون طيار MQ-9 (استهداف موقع معروف لـ"إرهابي" حوثي).

مخاطر أمنية خطيرة:

كشفت الرسائل أن هيجسيث أرسل هذه التفاصيل إلى مجموعة تضم رقم هاتف غير معروف (هاتف الصحفي غولدبرغ)، مما أثار مخاوف أمنية. لو وصلت هذه المعلومات إلى أطراف معادية، لكان للحوثيين 31 دقيقة للاستعداد قبل إقلاع الطائرات، وساعتان قبل الضربة الرئيسية، ما يعرّض الطيارين الأمريكيين لخطر كبير.

استمرار العمليات:

تابع هيجسيث:

2:10 مساءً: إطلاق ضربة ثانية بطائرات F-18.

2:15 مساءً: ضربات الطائرات بدون طيار (مع تأكيد سقوط القنابل).

3:36 مساءً: الضربة الثانية لـF-18 وإطلاق صواريخ توماهوك من البحر.

وأضاف: "نحن آمنون من حيث الأمن التشغيلي (OPSEC). التوفيق لمحاربينا."

ردود الفعل في المجموعة:

نائب الرئيس جيه دي فانس ردّ: "سأتلو صلاة من أجل النصر".

في 1:48 مساءً، أرسل مستشار الأمن القومي والتز معلومات استخباراتية من صنعاء: "انهار المبنى. تم التحقق من هويات عدة أشخاص."، مشيرًا إلى نجاح الضربة في استهداف قائد صواريخ حوثي.

رد فانس باضطراب: "ماذا؟"، ثم بعد توضيح والتز، كتب: "ممتاز."

مدير CIA راتكليف علّق: "بداية موفقة."، بينما نشر والتز رموزًا تعبيرية (قبضة، علم أمريكي، نار).

نتائج الضربات:

وأكد هيجسيث لاحقًا: "القيادة المركزية على المسار الصحيح. الضربات ستستمر الليلة."

وكان ذلك قبل 31 دقيقة من إقلاع الطائرات الأمريكية، وقبل ساعتين من استهداف قائد حوثي بارز. وتشير هذه التفاصيل إلى أن أي تسريب قد يؤدي إلى عواقب وخيمة على القوات المشاركة في العملية.

البيت الأبيض يعترض على نشر المحادثات

عقب الجدل المتزايد، تواصلت ذا أتلانتيك مع مسؤولي الإدارة السابقة لسؤالهم عما إذا كانوا يعترضون على نشر الرسائل النصية الكاملة.

وفي رد رسمي، قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت: "لم تُنقل أي معلومات سرية، ولكن هذه كانت مناقشات داخلية وخاصة، لذا فإننا نعترض على نشرها".

بينما لم توضح الإدارة الأمريكية ماهية المعلومات التي تعتبرها "حساسة"، فإن التسريبات أظهرت أن كبار المسؤولين ناقشوا توقيت الضربات الجوية، والنتائج الأولية للهجوم، وحتى تأكيد هوية الأهداف بعد تنفيذ الضربة.

لا يزال من غير الواضح كيف تم إدراج جيفري غولدبرغ في المحادثة عن طريق الخطأ. وأكد مايكل والتز، مستشار الأمن القومي الذي أضافه إلى المجموعة، أنه يحقق في كيفية وقوع هذا الخطأ.