أثار الحكم القضائي الصادر أمس الاثنين بمنع مارين لوبان، زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا، من الترشح لأي منصب عام لمدة خمس سنوات، ردود أفعال واسعة وتأييداً كبيراً للسياسية المخضرمة من حلفائها اليمينيين، وسط تحذيرات من تداعيات الحكم على الديمقراطية.
لوبان: "إقصاء لملايين الفرنسيين"
وصفت لوبان الحكم بأنه "إقصاء سياسي" لها ولناخبيها، قائلة في مقابلة مع قناة "تي.إف 1": "تم إقصائي، ولكن في الواقع جرى إقصاء أصوات ملايين الفرنسيين".
وأكدت أنها ستترشح للرئاسة إذا نجحت في إلغاء الحكم في الوقت المناسب، بينما أعربت عن تشككها في أن يُنظر في استئنافها قبل الانتخابات.
محاميها: "ضربة ضد الديمقراطية"
أعلن رودولف بوسيلوت، محامي لوبان، الاستئناف ضد الحكم، واصفًا إياه بـ"الضربة ضد الديمقراطية"، وجاء الحكم بعد إدانتها باختلاس أموال الاتحاد الأوروبي، مما قد يحبط خططها للترشح في 2027.
ترامب: "الحكم يشبه ما واجهته"
دعم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب لوبان، مشبّهًا الحكم بـ"المحاكمات السياسية" التي تعرض لها في الولايات المتحدة، وقال: "لقد حُظر عليها الترشح لخمس سنوات وهي المرشحة الأوفر حظًا... هذا يُشبه بلدنا تمامًا".
واشنطن: "حكم مثير للقلق"
انضمت إدارة ترامب إلى الانتقادات، حيث وصفت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، تامي بروس، الحكم بأنه "مثير للقلق"، وربطته بـ"القوانين العدوانية" ضد ترامب، كما علق ابنه، دونالد ترامب جونيور، بسخرية: "فرنسا ترسل لوبان إلى السجن وتمنعها من الترشح؟!".
زعيم حزبها: "إعدام الديمقراطية"
هاجم جوردان بارديلا، زعيم حزب التجمع الوطني، الحكم ووصفه بـ"إعدام الديمقراطية الفرنسية"، بينما وصفه نائب رئيس الوزراء الإيطالي، ماتيو سالفيني، بـ"إعلان الحرب" على اليمين الأوروبي، مؤكدًا: "لن يتم إرهابنا".
أوربان وفيليدرز: تضامن كامل
أعرب رئيس الوزراء المجري، فيكتور أوربان، عن دعمه بلغة فرنسية موجزة: "أنا مارين!"، بينما أعرب الزعيم اليميني الهولندي خيرت فيليدرز عن ثقته بأن لوبان "ستفوز بالاستئناف وتصبح رئيسة فرنسا".
خلفية الحكم
أدانت محكمة باريس لوبان بتهمة اختلاس أموال أوروبية عبر تعيين وهمي في البرلمان الأوروبي، وحكمت عليها بالسجن 4 سنوات (عامان منها مع وقف التنفيذ)، مع غرامة 100 ألف يورو، ومنع فوري من الترشح.
يُتوقع أن يطول الاستئناف ليتجاوز موعد الانتخابات الرئاسية 2027، ما يضع مستقبل لوبان السياسي في مهب الريح، وسط تحول القضية إلى معركة رمزية بين اليمين الشعبوي والمؤسسات القضائية الأوروبية.
من هي مارين لوبان؟
مارين لوبان هي سياسية فرنسية وزعيمة حزب التجمع الوطني، وهو حزب يميني قومي كان يُعرف سابقًا باسم الجبهة الوطنية.
مارين لوبان لها أصول مصرية من جهة والدتها بييريت لالان، التي تنحدر من عائلة فرنسية استقرت في الإسكندرية، مصر لفترة من الزمن خلال الحقبة الاستعمارية.
عائلتها من جهة والدتها كانت جزءًا من الجاليات الفرنسية التي عاشت في مصر قبل ثورة 1952، حيث كان العديد من الأوروبيين يعيشون هناك خلال فترة الحكم الملكي، وبعد الثورة عاد الكثير منهم إلى فرنسا، ومن بينهم أسرة مارين لوبان.
على الرغم من هذه الأصول، لم تُعرف مارين لوبان بعلاقتها القوية بمصر أو بالشرق الأوسط، ولم تتحدث كثيرًا عن هذا الجانب من جذورها، حيث تركز في خطابها السياسي على الهوية القومية الفرنسية ومعارضة الهجرة.
أبرز المحطات في حياتها السياسية:
انضمت إلى الجبهة الوطنية عام 1986، وبدأت في الصعود داخل الحزب.
تولت رئاسة الحزب عام 2011 بعد والدها، وبدأت في تجديد صورته، محاوِلةً إبعاده عن الاتهامات بالتطرف.
ترشحت للرئاسة الفرنسية ثلاث مرات (2012، 2017، 2022)، ووصلت إلى الجولة الثانية مرتين (2017 و2022) لكنها خسرت أمام إيمانويل ماكرون في المرتين.
قادت تغييرات داخل الحزب، منها تغيير الاسم إلى "التجمع الوطني" عام 2018، وتبني سياسات تُركز على القومية الفرنسية، معارضة الهجرة، ومناهضة الاتحاد الأوروبي.
مواقفها السياسية:
معارضة الهجرة: تدعو إلى تقليل عدد المهاجرين، وتشديد قوانين اللجوء.
السيادة الوطنية: تنتقد الاتحاد الأوروبي وتطالب بإعادة السيادة لفرنسا، رغم تخليها عن فكرة الخروج من اليورو.
الأمن ومكافحة التطرف: تؤيد سياسات أكثر صرامة ضد التطرف والجريمة.
الاقتصاد: تؤيد الحمائية الاقتصادية، مع دعم الصناعات الفرنسية، وتعارض العولمة غير المنظمة.
شعبيتها وتأثيرها:
مارين لوبان تمكنت من كسب قاعدة جماهيرية واسعة، خاصة بين الطبقات العاملة والريفية، لكنها تبقى شخصية مثيرة للجدل بسبب مواقفها القومية المتشددة. على الرغم من خسارتها في الانتخابات الرئاسية، إلا أنها عززت مكانتها كأحد أهم قادة اليمين في فرنسا.