المسار الدستوري في ليبيا إلى واجهة الجدل

جهود دولية متواصلة من أجل تحقيق توافق سياسي في ليبيا
جهود دولية متواصلة من أجل تحقيق توافق سياسي في ليبيا

عاد الجدل الحاد حول المسار الدستوري إلى صدارة المشهد الليبي بعد أكثر من 10 سنوات على انتخاب الهيئة التأسيسية و7 سنوات على ظهور مسودة الدستور التي لم يتم التوافق على عرضها على الاستفتاء الشعبي.

ودعا رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، إلى إعادة تفعيل دور الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور باعتباره أساساً لاستقرار ليبيا ومستقبلها السياسي، معرباً عن استنكاره لما وصفها بمؤامرة تعطيل الاستفتاء على الدستور، مشيراً إلى أن هذه العرقلة تمثل استهدافاً لإرادة الشعب الليبي. وخلال لقائه عدداً من أعضاء الهيئة في طرابلس، أكد الدبيبة أن أي محاولات لعرقلة هذا المسار هي عرقلة مباشرة لمسيرة الشعب الليبي نحو بناء دولة القانون والمؤسسات.

ويرى مراقبون، أن العودة إلى هذا الملف يفتح الباب من جديد أمام إحياء الهيئة التأسيسية لصياغة مشروع الدستور والتي اعتمدت مسودته في عام 2017 وأحالته إلى مجلس النواب الليبي لعرضه على الشعب للاستفتاء، قبل أن يواجه برفض من قبل أغلب الفرقاء الفاعلين بما في ذلك الفعاليات الاجتماعية وقيادة الجيش والإثنيات العرقية والثقافية بسبب ما رأى فيه البعض خدمة لمصالح تيار دون غيره، فيما قرر رئيس البرلمان عقيلة صالح في العام 2022 تشكيل لجنة جديدة لصياغة مسودة دستور جديد، دون أن يصدر عنها أي أثر مكتوب حتى الآن.

وتزامن الحديث من جديد عن الاستفتاء على الدستور، مع تأكيد المجلس الرئاسي تمسكه بالمفوضية الوطنية للاستفتاء والاستعلام الوطني التي بادر بتأسيسها رغم رفض اعتمادها من قبل مجلس النواب واعتبارها غير قانونية بحسب ما ورد في الحكم الصادر عن محكمة الاستئناف ببنغازي في نوفمبر الماضي. واعتبرت الناطقة باسم المجلس الرئاسي، نجوى وهيبة، أن الاستفتاء الشعبي يعد من الأدوات المهمة لكسر حالة الجمود السياسي ومعالجة الإجراءات الأحادية التي تعيق مسار الاستقرار في ليبيا. وتابعت أن المجلس الرئاسي، بصفته جهة سيادية، يملك صلاحيات للتواصل مع الشعب واستطلاع آرائه بوسائل موثوقة.

وأشارت إلى إمكانية الاعتماد على المفوضية التي تم إنشاؤها حديثاً كآلية فعالة لتنظيم الاستفتاءات وجمع آراء المواطنين بشكل دقيق ومنظم. وأبرزت وهيبة، أن من حق الليبيين التعبير عن آرائهم ومواقفهم في عدد من القضايا الحساسة والجوهرية، عبر وسائل موثوقة كالهيئة الوطنية للاستفتاء والاستعلام.

بدوره، أبرز مستشار رئيس المجلس الرئاسي لشؤون الانتخابات والمجالس التشريعية، زياد دغيم، أهمية الاتفاق المبدئي على ضرورة الاحتكام إلى الشعب الليبي عبر آلية الاستفتاء، أياً كانت الجهة التي تنظمه، وقال إن القواعد الدستورية والقانونية تذهب إلى أن الأصل في الأمور في الإباحة، ومن ثم تتولى مؤسسة الرئاسة الأمر، في ضوء عدم تحديد القانون الاختصاص، وقصور المؤسسات في البلاد.

استبعاد توافق

ويشير محللون سياسيون، إلى أن التوافق على استفتاء بخصوص الدستور لا يزال بعيداً، ويحتاج توفر ظروف سياسية واجتماعية وأمنية مستقرة، وسلطة موحدة وحوار وطني شامل يجمع ممثلين عن مختلف فئات الشعب تحت خيمة المصالحة والوفاق من دون اعتماد سياسة المغالبة التي سادت بعد العام 2011. ويرى المحللون، أن الخلافات بين الفرقاء الليبيين جدية وتحتاج إلى تنازلات متبادلة واستعداد للتضحية بالسلطة وامتيازاتها من أجل تجاوز حالة الانقسام نحو آفاق جديدة للديمقراطية والتعددية والسلام.