وضعت الحرب التي دخلت شهرها التاسع عشر في السودان ملايين الناس على حافة المجاعة بعد أن انهارت الحياة الاقتصادية وضاعت تحت زخات الرصاص فرص العمل، وتضاءل الإنتاج الزراعي بعد خروج مساحات كبيرة عن دائرة الإنتاج مثل مشروع الجزيرة أكبر المشاريع الزراعية المروية، الأمر الذي يعرض الملايين لخطر الجوع الشديد، فيما نفت قوات الدعم السريع السودانية، مسؤوليتها عن الانتهاكات وقالت إنها ملتزمة بالسلام، ونفت تلقي أسلحة من أي دولة.
ووفق الأمم المتحدة، فإن السودان يعد من بين البلدان الأربعة الأولى في العالم التي تعاني من أعلى معدلات انتشار سوء التغذية الحاد.
ومع استمرار الصراع في ولايات عدة بالبلاد، من المتوقع أن يشهد الوضع الغذائي مزيداً من التفاقم لا سيما في ظل توقف الخدمات وموجات النزوح المتلاحقة، ويعاني مئات الآلاف من المدنيين الذين ما زالوا في مناطق الاقتتال، من نقص حاد في الغذاء، ويعتمدون بشكل أساسي على المطابخ التكافلية أو ما يعرف بـ«التكايا»، التي يمولها الخيرون ويقوم عليها متطوعون.
ومع تطاول أمد الحرب باتت تلك «التكايا» تعاني من شح الموارد، الأمر الذي أدى إلى توقف العشرات منها وتقلص بعضها، وقد أعلنت غرفة طوارئ شرق النيل بالعاصمة الخرطوم عن توقف حوالي 150 مطبخاً تكافلياً عن العمل تماماً بسبب قلة الدعم، ولفتت الغرفة إلى أن تلك المطابخ كانت شريان الحياة لآلاف الأسر التي تعتمد عليها لتوفير وجبتها اليومية في ظل ظروف اقتصادية قاسية تفاقمت بسبب استمرار الحرب وفقدان مصادر الرزق.
وقالت غرفة طوارئ شرق النيل أن الكثير من المدنيين مهددين بمجاعةٍ حقيقية، وأشارت إلى أنه ومع انتشار الأمراض وحالات سوء التغذية بين الأطفال وكبار السن، أصبح الوضع كارثياً، ووجهت نداءً إلى الخيرين والمنظمات المحلية والدولية، وكل الجهات العاملة في المجال الإنساني للمساهمة بتقديم العون اللازم لإعادة تشغيل هذه «التكايا» والمطابخ.
ووفقاً لوكالات الأمم المتحدة، فإن حوالي 25 مليون شخص في السودان معرضون للجوع، بعد أن تدهور الأمن الغذائي بالبلاد مع انهيار الأمن ودخول البلاد في فوضى الحرب، حيث فر ما يزيد على العشرة ملايين من السودانيين من ديارهم بحثاً عن الأمن داخلياً وخارجياً.
نفي الدعم
إلى ذلك، نفت قوات الدعم السريع، مسؤوليتها عن الانتهاكات وقالت إنها ملتزمة بالسلام. وقال الجنرال عمر حمدان أحمد في تصريح صحافي لوكالة « فرنس برس»: «لا نحصل على أي مساعدة من أي دولة على الإطلاق». من جهته، أكد مستشار قوات الدعم السريع، عز الدين الصافي أنه «يتعين علينا وقف الحرب. ولهذا السبب نحن في قوات الدعم السريع نبقى مستعدين لوقف الحرب قبل الغد، وحتى قبل الأمس». وأشار إلى أن الدعم السريع انخرطت بشكل كامل في مبادرات سلام دولية متعددة، وألقى باللوم على الجانب الآخر في «تقويض كل الجهود». وتابع «على الرغم من السيطرة على أجزاء كبيرة من السودان، فإننا نظل ملتزمين بشدة بوقف إطلاق النار الفوري على مستوى البلاد، وضمان مرور المساعدات الإنسانية وإنشاء ممرات آمنة للمدنيين وعمال الإغاثة».
فيتو روسي
في الأثناء، استخدمت روسيا حقّ النقض (الفيتو) أمس، لإسقاط مشروع قرار في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يدعو إلى وقف فوري للأعمال العدائية في السودان وحماية المدنيين من النزاع. وأيّد أعضاء المجلس الأربعة عشر الآخرون مشروع القرار الذي أعدته المملكة المتحدة وسيراليون. وندد ممثل بريطانيا باستخدام روسيا الفيتو ضد مشروع القرار.