تواصلت تدفقات النازحين من شرق ولاية الجزيرة نحو ولايات القضارف وكسلا شرقي السودان، وذلك في أحدث موجات نزوح منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع، في ظل أوضاع مأساوية يعيشها الفارون من ديارهم بسبب التصعيد العسكري الذي شهدته المنطقة مؤخراً، ووصل إلى ولايات القضارف وكسلا ونهر النيل حوالي 400 ألف شخص، يعيشون أوضاعاً إنسانية معقدة نتيجة لشح الخدمات وتفشي الإمراض المعدية.
ووفقاً لنازحين ناجين من شرق الجزيرة وصلوا إلى ولاية القضارف أنهم قطعوا عشرات الكيلومترات مشياً على الأقدام بعد ارتفاع وتيرة المعارك هناك، وأكدوا أن جميع سكان القرى والمدن الصغيرة بشرق ولاية الجزيرة فروا، والآن مئات القرى خالية تماماً من السكان، ولفتوا في إفادات لـ«البيان» إلى أنهم فقدوا كل شيء وفروا بأرواحهم بحثاً عن الأمان الحماية.
وقال شهود عيان إن السكان في مدينة رفاعة يعيشون مأساة على حد وصفهم، إذ ينعدم في المدينة الغذاء ومياه الشرب والرعاية الطبية، بعد تدمير شامل للمنشآت الخدمية والصحية، بالإضافة إلى عمليات النهب الواسعة للمواد الغذائية والتموينية والأدوية، مما جعل المدينة غير قابلة للعيش، وأن المدنيين الذين لا زالوا بمدينة رفاعة يعانون بسبب الجوع والعطش وانتشار الأمراض.
ولقي المئات حتفهم بينما فر عشرات الآلاف من المدنيين من ديارهم بحثاً عن الأمن منذ العشرين من أكتوبر الماضي، وبحسب إحصائيات وكالات الأمم المتحدة المعنية، وقالت منظمة الهجرة الدولية إن أكثر من 343 ألف شخص، يشكلون نحو 68 ألف أسرة، نزحوا من مواقع مختلفة في الجزيرة إلى ولايات كسلا والقضارف شرقاً، ونهر النيل شمالاً، بسبب انعدام الأمن المتزايد، وتصاعد المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع.
في الأثناء، تشهد مدينة بورتسودان حراكاً دبلوماسياً غربياً مكثفاً، بغية وقف الحرب وإيجاد مخرج للأزمة الإنسانية المستحكمة في البلاد، حيث انخرط المبعوث الأمريكي الخاص للسودان توم برلييو في لقاءات واسعة مع المسؤولين في الحكومة السودانية والفاعلين في المشهد السياسي، وبحث المبعوث الأمريكي مع مسؤولين سودانيين خارطة طريق مقترحة لكيفية إيقاف الحرب وإيصال المساعدات الإنسانية، فضلاً عن العملية السياسية كمخرج نهائي لما بعد الحرب.
في السياق، واصل الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين جون إيجلاند، لقاءاته مع المسؤولين السودانيين، والتي تطرقت إلى مجمل الأوضاع الإنسانية في السودان وسبل تقديم المساعدات الإنسانية لمستحقيها.