«مارشميلو».. توأمان تحديا شركات التأمين الكبرى

في مقهى بصالة «فيرجين أكتيف» للألعاب الرياضية الموجودة بشارع «ذا ستراند» بالعاصمة البريطانية لندن، كان التوأمان أوليفر وألكسندر كينت براهام (29 عاماً) جالسين، والتقيا صديقاً من جنوب أفريقيا، فاشتكى لهما من المبلغ الكبير الذي تمَّ إجباره على دفعه للتأمين على السيارة، وأخبرهما بأن هذه شكوى كل المقيمين الأجانب الذين وصلوا إلى البلاد مؤخراً.. حينذاك لمعت في رأس أوليفر فكرة تأسيس شركة للتأمين على السيارات تقدم خدماتها إلكترونياً، فكانت شركة وتطبيق «مارشميلو»، التي تم تأسيسها سنة 2017، واتخذت من الصالة نفسها مقراً لها؛ حيث كانت شبكة الواي فاي متوافرة، إضافةً إلى الموقع المتميز، لتصل قيمتها السوقية اليوم إلى نحو 1.5 مليار دولار.

شركة ناشئة

لم تستمر «مارشميلو» في تقديم خدماتها من صالة «فيرجين أكتيف» سوى 9 أشهر، فقد استأجرت طابقين في مبنى بممر السيليكون خارج المدينة، تبلغ مساحته ثلاثة أضعاف مساحة المقر القديم - كما تقول منصة «بلومبرغ» - حيث يمكنك مشاهدة موظفيها من خلال عتبات النوافذ منكبين على عملهم، في تحدٍّ كبير وناجح لشركات التأمين القليلة الأخرى التي ظلت على مدار ثلاثة قرون تسيطر على قطاع التأمين في لندن، لتصبح «مارشميلو» ثاني شركة تكنولوجيا ناشئة في بريطانيا يؤسسها أصحاب البشرة السوداء، وتضاعف عدد موظفيها ثلاث مرات، متحديةً وباء كورونا الذي انخفضت خلال انتشاره حركة مرور السيارات، وليمضي التوأمان في تنفيذ خطط توسعهما في أوروبا.

لقاء العمر

بعد 4 سنوات من بداية الشركة كان لقاء أوليفر كينت براهام مع برنارد كانتور، الشريك المؤسس لبنك «إنفستيك»، لتقفز قيمة «مارشميلو» السوقية إلى 1.25 مليار دولار، وتقترب الآن من 1.5 مليار دولار.

يقول أوليفر في مقابلة أجريت معه: «كان واضحاً أنَّ شركات التأمين تلعب دوراً محورياً للغاية في المجتمع، وعلى الرغم من ذلك لم تفكر في التوجه إلى الرقمنة بالسرعة الكافية، وهنا وجدنا أنَّنا قادرون على استخدام البيانات التي لا تستخدمها شركات التأمين الأخرى، وتساءلت وشقيقي عندما رأينا كيف تعتمد الخدمات المالية على التطبيقات: هل هناك إمكانية لتغيير طريقة دفع الأقساط بالطريقة المتَّبعة في قطاع التأمين؟ وكان هدفنا الرئيس هو خفض تكلفة أقساط التأمين على المهاجرين والمغتربين، ونجحنا في اجتذاب داعمين لنا مثل «إنفستك»، و«بايشن كابيتال» وغيرهما، ممن تتركز استثماراتهم في قطاع التكنولوجيا، وقد اعتمدت كثيراً في البحث عن مستثمرين على العلاقات التي بنيتها في أثناء دراستي بالجامعة، وفي أقل من 4 سنين نجحنا في إصدار أكثر من 100 ألف وثيقة تأمين، وعلى الرغم من أن هذا الرقم كان قليلاً مقارنة بما تقدمه الشركات المنافسة لملايين السائقين، مثل «أدميرال غروب» و«دايركت لاين غروب»، فقد كنا في بداياتنا، ثم حققنا قفزة كبيرة في النمو في الآونة الأخيرة، ولم نتأثر كثيراً بتباطؤ حركة مرور السيارات في أثناء وباء كورونا الذي عم الأرض قبل سنوات قليلة».

ويُرجع أوليفر وتوأمه ألكسندر الفضل في نجاحهما السريع إلى شركة «إيمباكت إكس كابيتال» بلندن، التي كانت أحد داعمي «مارشميلو»؛ وتسعى دائماً إلى الاستثمار في الشركات المملوكة للأقليات.

سر القوة

يكشف أوليفر عن سر قوة عزيمته وقدرته على تخطي العقبات في مجال الأعمال، يقول: مارسنا لعبة التنس على مستوى النخبة، وتعلمنا منها المثابرة؛ فهي تعلمك المهارات المطلوبة في مجال الأعمال التجارية؛ وأهمها أنك إذا سقطت أرضاً فيتعين عليك أن تنهض من جديد وتحاول مرة أخرى.

وقد كانت لدي أنا وشقيقي ميول إلى «البزنس» منذ صغرنا؛ فعندما كنا في الثانية عشرة من العمر، كنا نبيع كرات الغولف التي نعثر عليها في البحيرة، وأشياء أخرى من هذا القبيل.

وحسب كيفين رايان – الخبير والمحلل في مجال التأمين بـ«بلومبرغ إنتليجنس» فإن قيمة «مارشميلو» تجاوزت في سنوات قليلة مليار دولار، لتصبح ثاني شركة تكنولوجيا بريطانية ناشئة يملكها أصحاب البشرة السوداء تحقق هذا الرقم، من بين 48 شركة بريطانية ناشئة، وكانت شركة إسماعيل أحمد، التي غيرت اسمها من «وورلد ريميت» إلى «زيبز»، هي أولى الشركات التكنولوجية التي تتخطَّى قيمتها مليار دولار، ويملكها أصحاب البشرة السوداء، وهي متخصصة في تقديم خدمة تحويل الأموال، وتستهدف المهاجرين أيضاً، علماً بأن أصحاب البشرة السوداء يمثلون 3.5% من السكان فقط، وفقاً لتقرير «إكستيند فينتشرز».