محطة إذاعية تبث أصواتاً غامضة منذ 50 سنة

أثارت أصوات طنين غامضة تبثها محطة إذاعية منذ 50 سنة جدلاً لا ينتهي وحيرة لا تخلو من الشائعات.

وذكر تقرير لموقع صحيفة «ديلي ميل» البريطانية أن محطة الإذاعة ذات الموجات القصيرة توجد على التردد 4625 كيلوهرتز، مشيراً إلى أنه أُطلق عليها لقب «The Buzzer» (الجرس)، وأن الشائعات حول أصولها لا تزال حتى يومنا هذا.

وأوضح التقرير أن هناك نظرية مثيرة للقلق تقول إن الصوت عبارة عن إشارة إذا توقفت فإنها تشير إلى هجوم نووي وشيك، في حين يعتقد آخرون أن الصوت الطنان هو محاولة من جانب حكومة أجنبية للتواصل مع كائنات فضائية زائرة.

لكنَّ النظرية الأكثر شيوعاً بين الخبراء هي أن الموجات الراديوية تأتي من روسيا، ويقول البروفيسور ديفيد ستوبلز: «إذا كانت الحكومة الروسية هي التي فعلت ذلك، فلن يكون لأغراض سلمية».

وأضاف الخبير في الهندسة الإلكترونية والإذاعية في جامعة لندن: «ربما يقومون بحجز القناة للدفاع الجوي أو شكل من أشكال الدفاع».

وتابع: «إذا لم يستخدموها فعلياً، فسوف يسرقها شخص ما. إنهم يحافظون على القناة متاحة من خلال البث والقول: هذه لنا».

وتم سماع الصوت، لأول مرة، من قبل متابعي الراديو عام 1982. وفي ذلك الوقت، كان معروفاً عن المحطة أنها تبث سلسلة من الإشارات الصوتية فقط بدلاً من نغمة الطنين التي سُميت بها.

وخلال العقد الماضي، أصبحت البثوث أكثر غرابة، وتحولت إلى سلسلة من الأصوات الصاخبة نحو 25 مرة في الدقيقة، إلى جانب صوت بوق الضباب البعيد من حين إلى آخر.

وفي تسعينيات القرن العشرين، وبعد سقوط الاتحاد السوفييتي، أصبح من الممكن سماع المزيد من الإضافات إلى البث الإذاعي، بما في ذلك أصوات ذكورية وأنثوية كانت تسرد بانتظام أسماء أو كلمات أو أرقاماً عشوائياً.

وتتحدث الأصوات المجهولة جميعها باللهجة الروسية نفسها، وتصاحبها سلسلة من التحولات النغمية التي يقول باحثون مثل ستوبلز إنها قد تحتوي على معلومات سرية.

نظريات جامحة

ولفت مراقب الراديو المستقل آري بوندر، وهو من هولندا، إلى بعض النظريات الجامحة التي انتشرت في السنوات الأخيرة، قائلاً: «يرى البعض أنها عبارة توجيه للأجسام الطائرة المجهولة، أو جهاز للتحكم يمكن للروس من خلاله برمجة العقول».

وأضاف بوندر أنه «في الماضي قيل إنها محطة تحكم عن بعد تابعة لمحطة تشيرنوبيل للطاقة النووية»، مشيراً إلى أنه يحتفظ بسجلات للترددات الراديوية في جميع أنحاء العالم، إلى جانب حالات أخرى مشتبه بها من التجسس والرسائل المشفرة.

وسُمعت الأصوات عشية عيد الميلاد عام 1997، مع تحديد إحدى الرسائل للمحطة باسم UVB-76، مع ذكر أسماء مثل: آنا، ونيكولاي، وإيفان، وتاتيانا، ورومان.

والتُقطت إشارة تبدو كأنها مقتطف من محادثة بين شخصين باللغة الروسية في 3 نوفمبر 2001، وعند ترجمتها كانت كلاماً غامضاً كالآتي: «أنا 143. لا أتلقى المولد. هذه الأشياء تأتي من غرفة الأجهزة».

رقصة البجع الصغير

وتراود كثيرين شكوك خفية في مصدر الطنين، إلا أن فريقاً من المهتمين بالقضية يعتقدون أنه ليس مسجلاً مسبقاً، بل صوت حي التُقط بواسطة مكبّر في مكان قريب، وربما تُرك مكبر صوت آخر في منطقة مفتوحاً عن طريق الخطأ، ما أدى إلى بث المحادثة حتى يتمكن الجميع من سماعها.

وظل البث المستمر دون انقطاع أكثر من سبع سنوات ونصف، قبل أن تتوقف المحطة فجأة عن البث في 5 يونيو 2010 لمدة 24 ساعة، لكن بعد ذلك عاد الطنين إلى وضعه المعتاد، وبعدها أنشأ مستخدمو الإنترنت رابطاً لبث الإشارة إلى المزيد من الآذان.

وبعد بضعة أشهر، توقف الطنين مرة أخرى، غير أنه هذه المرة كان من الممكن سماع أصوات خطوات، وخلط أشياء، وصوت شيء يتم إسقاطه، ثم بعد أيام قليلة بدأت مقاطع موسيقية تقاطع الطنين.

الأغنية التي خضعت للتدقيق لم تكن سوى «رقصة البجع الصغير» الشهيرة لبيوتر إليتش تشايكوفسكي، ما أضاف المزيد من الوقود إلى النار المشتعلة بالنظريات التي يعتقد أصحابها أن الأصوات قادمة من روسيا.

وكالات استخباراتية

ولا يزال الغرض من المحطة غير معروف على الرغم من اعتقاد معظم الناس أنها محطة إذاعية حكومية تبث الصوت باستمرار على تردد معيَّن لضمان عدم استخدامها من قِبل أي شخص آخر.

ولم يعترف الكرملين بملكيته للمحطة، في حين صرح وزير الاتصالات والمعلوماتية السابق في جمهورية ليتوانيا، ريمانتاس بليكييس، أخيراً بأن الرسائل الصوتية هي وسيلة للتحقق مما إذا كان المشغلون الذين يديرون المحطة في حالة تأهب.

وفي الوقت نفسه، تثير عشوائية الرسائل شكوكاً في كونها صادرة عن وكالات استخباراتية، مثل جهاز الأمن الفيدرالي الذي من المعروف أنه يعمل وفق جداول زمنية محددة، لكنَّ التردد الثابت وقوة الإرسال المنخفضة للبث يجعلان نظرية التجسس أقل احتمالاً، حيث إن مثل هذه الخصائص ليست مثالية للاتصالات طويلة المدى.

ومع ذلك، تحقَّق بعض التقدم على مر السنين في حل اللغز، إذ تتبع مراقبون مصدر البث بالقرب من بوفاروفو في روسيا، على بعد نحو منتصف الطريق بين زيلينوغراد وسولنيتشوغورسك (6.2 أميال شمال غرب موسكو)، وظهرت المحطة بالقرب من مدينة سانت بطرسبرغ وقرية كيرو ماسيف، ربما نتيجة إعادة التنظيم الواسع النطاق للجيش الروسي.

منطقة مهجورة

وأكد طالب روسي يدعى إيجور إسفييف (20 عاماً)، وينحدر من موسكو ويدرس الآن في أوتاوا، أنه تمكَّن من تعقب مصدر الإشارة القادمة عبر قاعدة عسكرية مهجورة بالقرب من بسكوف على الحدود مع إستونيا، ثم قام بتصوير المبنى المهجور واستكشافه.

وقال: «مثل أي مبنى أو منطقة مهجورة، كان المكان مخيفاً للغاية. كان الناس غريبين، وكان المشهد غريباً للغاية». وذكر أنه واجه امرأة في منتصف الأربعينيات من عمرها هناك تدفع عربة أطفال.

وأضاف: «في البداية، اعتقدت أنها إحدى سكان البلدة خرجت في نزهة، ولكن عندما مرت، رأيت أن عربة الأطفال الخاصة بها كانت فارغة»، متسائلاً بدهشة: «من يذهب إلى قاعدة عسكرية مهجورة بعربة أطفال فارغة للتنزه؟!».

وتابع: «عثرت على أطنان من الوثائق غير المفيدة، ومن بينها وثيقة مثيرة للاهتمام تتعلق بوقف عمليات القاعدة»، موضحاً أنه يعتقد بأن المحطة تُستخدم للاتصالات الداخلية السرية غير الحساسة، ما يجعل القائمين عليها لا يهتمون بإخفائها.