ما علاقة إيلون ماسك وترامب بـ«الحاجة إلى الفوضى»؟

في 18 مارس الماضي، انتشر على منصة «إكس» مقطع فيديو يُظهر حريقًا شبّ في أحد معارض سيارات «تسلا» بمدينة لاس فيغاس، وقالت الحسابات المتابعة إن الحادثة كانت بفعل متظاهرين غاضبين من إيلون ماسك، الحساب الذي نشر الفيديو يحمل اسم «EndWokeness»، وسرعان ما جذب انتباه ماسك نفسه.

في اليوم التالي، علّق ماسك على الفيديو مقتبسًا جملة شهيرة من أحد أفلام سلسلة الرجل الوطواط «ذا دارك نايت» (2008) قائلاً: «بعض الناس فقط يريدون أن يشاهدوا العالم وهو يحترق»، وهي عبارة قالها الخادم المخلص ألفريد لبروس واين المعروف بباتمان، لوصف جنون الجوكر ودوافعه التخريبية.

ويبدو أن ماسك، وألفريد، كانا على حق، فبعض الأشخاص بالفعل يرغبون في انهيار المجتمع بالكامل، هذا الميل لـ«الأناركية» يُعرف في علم النفس السياسي بـ«الحاجة إلى الفوضى (Need for Chaos)»، وهو مقياس نفسي ابتكره الباحثون لتحليل نزعة بعض الأفراد نحو تدمير النظام القائم.

ووفقاً للباحثين داناجال جي. يونغ (جامعة ديلاوير) وكيفن أرسينو (جامعة ساينس بو)، في بحثهما المنشور في مجلة «ذا كونفارزيشن» تشير بيانات مركز الاتصال السياسي بجامعة ديلاوير إلى أن الأفراد الذين يظهرون مستويات عالية من «الحاجة إلى الفوضى» هم في الواقع أكثر ثقة في إيلون ماسك، وفي «وزارة كفاءة الحكومة» الجهة التي يقدم ماسك المشورة لها، والتي تزعم إدارة ترامب أنها أُنشئت لمحاربة الهدر والاحتيال في الإنفاق الحكومي.

لكن المنتقدين يحذرون من أن نهج ماسك وDOGE، الذي يتمثل في خفض الإنفاق الحكومي بشكل عشوائي، قد يُلحق ضررًا جسيمًا بالبنية التحتية التي تدعم الابتكار الأمريكي.

الفوضى لا تنشأ من فراغ

وبحسب علماء النفس السياسي، فإن الحاجة إلى الفوضى لا تُعد سمة شخصية ثابتة، بل استجابة نفسية ظرفية يشعر بها بعض الأفراد حين يواجهون أوضاعًا سياسية وثقافية تجعلهم يعتقدون أنهم يفقدون مكانتهم أو نفوذهم في المجتمع.

ويشبه الأمر شخصية الجوكر في «دارك نايت» حين كان يتحدث عن ألمه وندوبه: «هل تريد أن تعرف كيف حصلت على هذه الندوب؟» فالرغبة في التدمير تنبع أحيانًا من شعور بالهزيمة أو التهميش.

وقد أُدخل هذا المفهوم إلى الأدبيات الأكاديمية عام 2021 بوصفه نتيجة تكيفية تنشأ عن شعور بفقدان المكانة الاجتماعية. لدى بعض الأشخاص، قد يدفعهم هذا الشعور إلى تبني رغبة جامحة في «حرق كل شيء» سواءً لإعادة البناء من الصفر أو فقط لرؤية الانهيار.

من يريد أن يحترق العالم؟

في دراسة شملت 1600 أمريكي بين 27 فبراير و5 مارس 2025، طرحت جامعة ديلاوير بالتعاون مع «يو غوف» مجموعة من العبارات لقياس ميل المشاركين نحو الفوضى، ومنها: «أتخيل حدوث كارثة طبيعية تقضي على معظم البشر ليبدأ الباقون من جديد».. و«أعتقد أن المجتمع يجب أن يُحرق بالكامل».. و«لا يمكن إصلاح مؤسساتنا الاجتماعية؛ يجب أن نبدأ من جديد»، إضافة لعبارة «أحتاج إلى الفوضى من حولي، فالحياة مملة بدونها».

وأظهرت النتائج أن أقل من 20% من العينة وافقوا على هذه العبارات بدرجات متفاوتة. اللافت أن أعلى معدلات "الحاجة إلى الفوضى" سُجلت بين الفئات العمرية تحت الأربعين، والأشخاص الأقل تعليمًا، وأولئك الذين لا يتابعون السياسة بانتظام.

ماسك رمز الفوضى المنتقاة؟

الدراسة أظهرت كذلك أن الأشخاص ذوي الحاجة الأعلى للفوضى يثقون بماسك، ووزارة «دودج»، والرئيس ترامب أكثر من غيرهم، في المقابل، تقل ثقتهم بـ«الناس عمومًا»، وبالصحفيين، أو بالحكومة الفيدرالية.

ويبدو أن ميل ماسك لاستخدام رموز مثيرة، مثل مناشير القطع في حملاته الدعائية لعمل «دودج» يجد صدى لدى هؤلاء الذين يرون فيه تجسيدًا للفوضى المحببة لديهم، خصوصًا مع قيامه بتسريح مئات آلاف الموظفين من هيئات حكومية بينها «الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية» و«معهد السلام».

ورغم الغموض الذي يحيط بأهداف ماسك داخل الوزارة، إلا أن النتائج الفعلية من تسريحات جماعية وتفكيك مؤسسات رئيسية ترسخ حالة من الفوضى، تبدو مطلوبة لدى نسبة ليست صغيرة من المجتمع الأمريكي.