يؤكد مراقبون أن قرار حركة النهضة بعدم منح الثقة لحكومة الياس الفخفاخ مرتبط بإصراره على عدم منح الحركة وزارة تكنولوجيات الاتصال في التشكيلة الحكومية الجديدة إضافة إلى حرصه على الكفاءات دون الولاءات الحزبية،، والعودة إلى انتخابات تشريعية. وأوضح الأمين العام للتيار الديمقراطي محمد عبو إن إصرار حركة النهضة على وزارة تكنولوجيات الاتصال أمر مقلق، وقال إنه كان من المفروض أن تبتعد النهضة عن الوزارة من أجل صورتها وصورة الحكومة، خاصة أن بعض المعطيات تحدثت عن محاولة اختراق هذه الوزارة والإدارات التابعة لها بهدف الحصول على معلومات.

وأثار تمسك حركة النهضة بتلك الوزارة مخاوف جانب كبير من التونسيين، نظراً لما يعنيه ذلك من تحول معطياتهم الشخصية المحفوظة بقوة القانون إلى أدوات في يد الحزب العقائدي الساعي إلى التغلغل في تفاصيل المجتمع بعد تغلغله في مفاصل الدولة.

وكانت حركة النهضة قد تولت من خلال الوزير منجي مرزوق الإشراف على حقيبة تكنولوجيا الاتصالات والاقتصاد الرقمي في حكومتي الترويكا من 24 ديسمبر 2011 إلى 29 يناير 2015 تاريخ إسناد السلطة إلى حكومة الكفاءات المستقلة برئاسة مهدي جمعة والتي انبثقت عن الحوار الوطني بعد الأزمة السياسية الطاحنة التي عرفتها البلاد بسبب الاغتيالات السياسية واتساع رقعة الإرهاب والاحتجاجات الشعبية ضد حكم الإخوان، ثم عادت إليها في حكومة يوسف الشاهد الأولى في 27 أغسطس 2016 عن طريق الوزير أنور معروف الذي لا يزال في منصبه إلى اليوم.

وخلال حملة الانتخابات البلدية في مايو 2018 خطب رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي في أنصاره بالقول إن وزارة تكنولوجيا الاتصالات تحت إشراف وزير نهضاوي، وإن الحركة التي يتزعمها كانت أول من أدخلت المعلوماتية إلى البلاد في ثمانينيات القرن الماضي إلى جانب وزارة الداخلية، واعداً بتوفير التغطية المجانية لشبكة الأنترنت في مختلف البلديات، وهو ما لم يتحقق إلى اليوم،

ورغم اعتراف الغنوشي بانتساب الوزير معروف للنهضة إلا أن رئيس مجلس شورى الحركة خرج الأسبوع الماضي ليقول إنه وزير مستقل، وهو ما دفع بالناشطين إلى المقارنة بين ما قاله الغنوشي والهاروني.

معطيات شخصية

ولتفسير سبب تمسك إخوان تونس بوزارة تكنولوجيا الاتصالات والاقتصاد الرقمي، قال النائب في البرلمان ياسين العياري «ربما ما لا يعلمه التونسيون أنه لدينا وكالة تابعة لوزارة تكنولوجيا الاتصالات، اسمها A2T يطلق عليها «FBI» تونس، لها الإمكانات التقنية الكافية والخبرات والتكوين لاعتراض وقراءة كثير من محادثات الناس والتطلع على أماكنهم وأسرارهم وأمورهم، ومن المفروض أن عملها يكون منظماً ومؤطراً من قبل القضاء لاستعمالها في عدد من المسائل المهمة مثل مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة والجوسسة وغسيل الأموال». وأضاف أن مجلس إدارة هذه الوكالة يتشكل من أعضاء في مجلس شورى حزب الوزير.

وتابع العياري إن خروج الوزارة من يد ذلك الحزب، في إشارة إلى حركة النهضة، يعني خروج سلاح قوي من يديها وربما محاسبة جزائية وسياسية بالطبيعة إن ثبت سوء استعمال.

وتتولى وزارة تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي في تونس اقتراح السياسة العامة في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصال والسهر على تنفيذها بهدف مزيد دعم دور القطاع في التنمية الاقتصادية والاجتماعية (رصد التطورات، إعداد الخطط بهدف تأمين اليقظة التكنولوجية، تأمين سلامة المنظومات والشبكات والمعلومات والفضاء السيبراني).