هل يمكن بالفعل أن نثق بكل من نتعامل معهم على تطبيقات السوشال ميديا؟ هل يمكن الاعتماد على تلك المناقشات الافتراضية التي نجريها مع بعض الأشخاص الذين نعجب بأفكارهم أو شخصياتهم؟ هل من الطبيعي أن نطمئن لهكذا علاقات ونتكئ عليها إلى درجة الاعتقاد بأن أصحابها يمكن أن يكونوا أصدقاء فعليين، نمنحهم ما نمنحه لأصدقائنا وعلاقاتنا الطبيعية التي تكونت في ظروف عادية ونضجت من خلال المواقف واكتسبت مصداقيتها عبر الزمن؟
مبعث السؤال هو انغماس البعض في حياة السوشال ميديا التي هي وسائل افتراضية في أساسها، فكيف لشيء غير حقيقي أن يمنحنا الحقيقة؟ كيف لوسائل تأسست على افتعال الأزمات والفضائح والتباهي، أن تؤسس لصداقات حقيقية ورصينة، لم تخضع للتمحيص والتجارب؟ إن ذلك أشبه بشراء قطعة ذهب عبر الصور دون اختبار حقيقة هذه القطعة إن كانت ذهباً أو مجرد معدن تافه؟ والمعضلة ليست في أننا مصابون برهاب الشك، لكن الواقع أثبت أن كوارث السوشال ميديا مبعثها تصديق البعض بأن كل ما يلمع ذهب!!
لقد أصبحت مواقع التواصل جزءاً أساسياً من حياتنا اليومية، وصرنا نبني علاقات مختلفة عبرها مع أصناف من البشر من كل مكان، وبالرغم من أننا نرى الكثيرين وهم يعرضون أنفسهم بطرق قد تكون بعيدة عن الحقيقة. فيختارون إظهار نسخة مثالية عن حياتهم، يعرضون فيها اللحظات السعيدة والمثيرة، ويتجنبون أي إشارات قد تكشف ضعفهم أو معاناتهم أو لنقل حقيقتهم، إلا أننا نصدقهم للأسف، مع أنهم يختارون أن يعرضوا ما نحبه، وما هم متأكدون من أنه سيحظى بانبهارنا، وهذا تزييف بحت!
إن هذا التزييف هو السمة البارزة في العديد من العلاقات التي تُبنى على مواقع التواصل الاجتماعي. الأشخاص قد يتقاسمون صوراً لحياة خالية من المشاكل، ويتفاخرون بالممتلكات أو الرحلات التي قاموا بها، بينما قد يخفون جوانب أخرى من حياتهم، مثل مشاعر الوحدة أو التحديات النفسية، وقد يخفون ما هو خطير ومؤذٍ جداً، وهذا يعزز فكرة «التمثيل الاجتماعي»، حيث يظل الشخص عالقاً في صورة معينة يرغب في إظهارها، بعيداً عن شخصيته الحقيقية لتحقيق هدف أو الوصول لمصلحة معينة!