أصبحت المنصات المتخصصة في تقديم خدمة بث البرامج الترفيهية والأعمال الدرامية والوثائقيات بنظام الاشتراك الفردي، واحدة من ملامح الحياة الحديثة، التي تتيح للفرد في كل مكان في العالم، التمتع بهذه الخدمة، عبر اتصاله بشبكة الإنترنت، أينما كان، وفي أي وقت من اليوم، بعيداً عن أي شكل من أشكال الرقابة!
لقد شكلت هذه الخدمات، بما رافقها من حرية مطلقة، تحدياً حقيقياً أمام الأسر والأفراد في المجتمعات العربية، منذ بداية انطلاقتها، فهذه المجتمعات ما زالت تتمتع بسمة المحافظة الاجتماعية والدينية، برغم كل مشروعات الانفتاح فيها، هذه المحافظة، تنظر لهذه المنصات على أنها تقدم برامج وأعمالاً تقوم على عرض كل شيء بدون ضوابط، ما يقود لتصادمها مع سلم القيم الدينية والأخلاقية والسلوكية، وهذا خطر مؤكد على نفسيات وأذهان الأطفال والمراهقين، الذين بات بإمكانهم الاشتراك في هذه المنصات، لقاء مبالغ زهيدة، وبالتالي، الإدمان على مشاهدها المخلة!
هناك اهتمام بالغ في المجتمع العربي، بالحفاظ على القيم الدينية والتقليدية، التي تفرض نوعاً معروفاً من السلوكيات داخل الأسرة والمجتمع، وهو ما يتوقع أن تعكسه البرامج والشخصيات التي تظهر في المسلسلات والأفلام، على سبيل المثال، بينما في المسلسلات الأمريكية والمكسيكية أو الغربية، نجد الشخصيات تتصرف بحرية غير محدودة في مسائل العلاقات بين الجنسين، وأمور الزواج، والطلاق، والنظرة للخيانة، ومعاملة الوالدين، وتعاطي المخدرات، ما يجعل ترجمة هذه المسائل إلى سياق ثقافي عربي، أمراً صعباً، وقد يؤدي إلى ردود فعل سلبية من قبل الجمهور، ما يقود إلى فشل الأعمال المقتبسة، وعدم قبولها جماهيرياً، هذا على الرغم من أن المجتمعات العربية الحديثة، تحاول تقديم نفسها بشكل أقل محافظة، وأكثر انفتاحاً عما كان سابقاً!
إن تلقي صناع المسلسلات الكثير من الهجوم وردود الأفعال السلبية من الجمهور العربي، يعود إلى أن المشاهد العربي لا يتقبل بعض المشاهد أو التصرفات التي قد تكون مألوفة في الثقافات الغربية أو الكورية أو اللاتينية، مثل التعبير المفرط عن الحب، أو التحرر في العلاقات. هذه الأعمال قد تُقابل بنقد قاسٍ من قبل الجمهور، الذي يعتقد أن تلك التصرفات تتعارض مع قيمه المجتمعية التي يتمسك بها.