في الثمانينيات من القرن الماضي، عقب نجاح ثورة الخميني في إيران عام 1979، أصبح مصطلح «تصدير الثورة» جزءاً مهماً من الخطاب السياسي في المنطقة العربية. لقد أثار نجاح الثورة في إيران فكرة إمكانية تصدير الأفكار الثورية، سواء كانت سياسية أو دينية، إلى دول الجوار ودول أخرى بعيدة كذلك لتغيير أنظمتها وربطها بالنموذج الإيراني.
من الناحية العملية، كانت محاولات تصدير الثورة تواجه العديد من التحديات، فلم يكن لكل الدول نفس الظروف التي أدت إلى نجاح الثورة الإيرانية، حيث كانت إيران تعيش واقعاً مختلفاً من حيث التاريخ السياسي والديني. كذلك فإن تصدير الثورة في حد ذاته قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار في الدول الأخرى، ما يعزز مقاومة الأنظمة الحاكمة، ويسهم في تعزيز الانقسامات الداخلية، كما حدث في لبنان، حيث شهدت المنطقة تدخلات إيرانية أدت إلى تفاقم الصراعات الطائفية.
إن تصدير الأفكار ليس عملية سهلة، خاصة عندما يتعلق الأمر بثقافات وحكومات ذات خصوصيات مختلفة، لأن السياق المحلي، والتركيبة الاجتماعية، والتوازنات السياسية، جميعها تلعب دوراً كبيراً في تحقق الهدف أو فشله!
ومثلما حاولت أنظمة تصدير أفكارها الفاشلة، نجد دولاً وأنظمة وشعوباً فاشلة تعمل على تصدير فشلها وإخفاقاتها بالنيل من مدن تحولت لنماذج للتطور والازدهار والنجاح، ودبي إحدى هذه النماذج المبهرة التي يحاول البعض عبثاً النيل من نجاحاتها، بتلفيق الأكاذيب ضدها، وادعاء حدوث ما لم يحدث، اعتقاداً منهم بأن ذلك سينال منها، هروباً من إخفاقاتهم واحتقاناتهم الداخلية.
إن دبي مدينة ناجحة بكل المقاييس المحلية والعالمية، مدينة استطاعت أن تصنع نموذجاً غير مسبوق لكل ما له علاقة بالاستقرار والتألق والنمو، وتبني استراتيجيات فائقة الذكاء والتطور: الحوكمة والشفافية والتميز الحكومي والاستدامة وتصفير البيروقراطية، وتحقيق أقصى معدلات الاستقرار والأمان من أجل جذب أعلى معدلات الاستثمار، ويوماً بعد يوم غدت دبي المدينة النموذج والحلم الذي يتمنى الجميع العيش فيها.
تجربة دبي في التطور لم تأتِ من فراغ. فقد استثمرت المدينة بشكل مكثف في تطوير بنية تحتية متطورة، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتبني سياسات حكومية مرنة، لكن هناك من يحاول التقليل من هذه التجربة عبر صور ملفقة ومسيئة لا تقدم ولا تؤخر، لكنها تفاقم الإحساس بالفشل لدى الآخر، وبينما يحاول هو تغطيته أو تصديره، فإنه يكشفه أكثر دون أن ينتبه، ولدينا في الإمارات مثل معبر عن هذا الحال خلاصته «اللي ما يطال العنب يقول عنه حامض»!