عهد لبناني جديد

يحق للبنان أن يتنفس الصعداء أخيراً بعد انتخاب مجلس نوابه العماد جوزيف عون رئيساً للبنان بأكثرية نيابية دلت على توافق واضح على تجاوز الكثير من العثرات والعقبات الأشبه بالجبال، وإن كان بعض المحللين يرون أن عملية الانتخاب بالسلاسة التي تم بها اختيار الرئيس، إنما يقف خلفها ضغوطات دولية وإقليمية معروفة.

لنضع كل النميمة السياسية جانباً ولنتأمل وضع المنطقة، على خلفية القاعدة التي تقول إن السياسة فن الممكن وليس فن الأحلام والمثاليات، وما كان ممكناً انتخاب رئيس للبنان بعد تعطيل للحياة والسياسة والاقتصاد ما لم تتدخل تلك الأطراف وتضغط باتجاه حسم الأمر جملة وتفصيلاً، وليس في الأمر أي خطأ، فخطايا السياسة ليست سوى وجهات نظر وتوزيعات مصالح، ولبنان سيد نظرية تدوير الزوايا، وزاوية الرئاسة فيه ظلت معتمة وبعيدة عن الاهتمام والحسم لمدة عامين! نعم لبنان بكل حمولة الأزمات التي يرزح تحتها كان يسيّر أموره بلا رئيس وبحكومة تصريف أعمال حتى كاد اللبنانيون ينسون سيادة الدولة ودور قصر بعبدا، وحتى كاد العرب ينسون لبنان، يأساً وليس إهمالاً أو تجاهلاً!

لقد حاولت، كما تابعنا، بعض الأطراف في مجلس النواب البارحة عرقلة اختيار الرئيس وإنهاء أزمة الشغور الرئاسي، والحمدلله أن جهود هذه الأطراف قد باءت بالفشل. لقد بدا مشهداً ساخراً أن يكتب البعض في أوراق الانتخاب كلمتي السيادة والدستور، باعتبار أن اختيار قائد الجيش كموظف حكومي منافٍ للدستور ما لم يحصل تغيير أولاً، إلا أن المعرقلين، وهم معروفون بالضرورة، هم أكثر من عطل الدستور وعطل اجتماع مجلس النواب وعطل اختيار الرئيس عامين كاملين!!

يحق للبنانيين أن يحظوا بحياة كريمة، وبوطن مستقر وآمن، وبسيادة كاملة على أراضيهم لا يفرض عليهم ولاءات لا علاقة لها بمصالحهم ومحيطهم العربي، ولا يجبرون على اختيار رئيس تتوافق عليه إيران ودمشق أولاً! إنها المرة الأولى منذ اتفاق الطائف ينتخب رئيس دون تدخل مباشر من دمشق وحزب الله، وقد بدا واضحاً من خطاب القسم في المجلس عصر البارحة أن عهده لن يكون متوافقاً مع أجندة إيران ولكن مع مصالح لبنان واللبنانيين.. لذلك نقول مبارك للبنان عهدهم الجديد.