إن ما نراه يحدث في السوشيال ميديا لهو أقرب للعبث والحماقات، على حد وصف المفكر امبرتو إيكو، حماقات أفقدت الناس اتزانهم وعقولهم وعقلانيتهم، حتى بتنا نسأل: هل الإنسان كائن عاقل بالفطرة أم عاقل بالضرورة أم عاقل بالتربية؟ وهل لا يزال عاقلاً فعلاً ؟

ما معنى أن يكون الإنسان عاقلاً؟ هل يعني ذلك استخدامه للعقل كأداة فهم لما حوله، واستدلال للحقيقة، وقياس للأحكام التي يتوصل إليها؟ أم أنه عاقل باعتبار العقل هو الهبة أو الميزة الإلهية التي ميزه الله بها عن غيره من الكائنات الأخرى؟

إن النظر من شرفة الفلسفة والأسئلة يعني أن نعمل عقولنا، لفهم ما يطرأ حولنا من ظواهر تتعلق بسلوك الأفراد والجماعات، ولمواقفهم واستجاباتهم لما يطرأ على الحياة. إن إعمال العقل هذا لما يدور حولنا يقودنا حتماً للفهم، والفهم سيقودنا لتفسير وتأويل ما نراه حولنا، وبالتالي معرفة الأسباب والنزعات، التي تتحكم فيما يحدث. كل ذلك يصبح متاحاً أو مستطاعاً بإعمال العقل لا بأي وسيلة أخرى!

إننا نسخر من الحماقات التي يقوم بها كثير من الأشخاص، نساء ورجالاً، كباراً وصغاراً، على شبكات التواصل، حركات التقليد البلهاء، الرقص الذي لا يتناسب مع مقام ومكانة وعمر البعض، البهلوانيات المجنونة، التعري، المجاهرة بالأفعال الخادشة للأدب.. وكثير غيرها، لذلك فنحن نتوقف عند كثير من أصحاب المحتوى الذي يقدم للفرجة أولاً، وفهم ما يجري، طالما هم ارتضوا لأنفسهم أن يكونوا مشهداً للفرجة!

لكننا نسأل أيضاً: ما الذي يدفع كل هؤلاء لركوب موجة الترند واستجداء الإعجابات ومطاردة المتابعين، والسعي وراء تعليقات هزيلة وشهرة طارئة، ما الذي يدفعهم لهكذا حماقات؟ ماذا ينقصهم في الواقع؟ وما الذي يتحقق لهم بهكذا محتوى تافه؟ لدي قناعة ماثلة بأن هناك ما يتجاوز الحماقة خلف كل هذا!

وترن عبارة الفيلسوف «باروخ سبينوزا» في رأسي «لا تسخر ولا تأسف ولا تكره بل افهم» لذلك نسأل لنفهم، أليس الفهم حقاً، كما هي التفاهة للأسف؟!