لا شيء يتوقف أو ينتهي في حياة الإنسان، طالما هو على قيد الحياة، وطالما أنه يتحرك ويتنفس ويمتلك الرغبة والقدرة على أن يصوغ حلماً يسعى لتحقيقه لأنه يستحق، ولأنه قادر على جعله حقيقة.
فالإنسان إلى جانب الكثير من التعريفات التي وضعت إلى جانب اسمه، هو أيضاً الكائن الوحيد الذي يمتلك القدرة على الحلم بين كل المخلوقات على وجه الأرض!.
يحلم الإنسان بكل شيء في بداية حياته، وغالباً ما تكون تلك الأشياء صغيرة وبسيطة وتتسم بالسذاجة، إنها اعتبارات العمر وانعدام التجربة، ولكن عندما يتقدم قليلاً في الطريق، وعندما تمتلئ جيوب أيامه بالتجارب وبعض الخبرات والسقطات، تتبدل الأحلام، تتسع وتضيق، وأحياناً تصبح مستحيلة، أو تصبح شرسة، أو أنه يمحوها جميعها، ويغير البوصلة واتجاه السفينة.
يبدأ الإنسان يومه بالأحلام، يتذكر أحلام الليلة السابقة، وأحلام اليقظة التي تراوده منذ مدة، كما يتذكر أحلامه الكثيرة التي لم تتحقق بعد، ولأنه لا يريد أن يمضي أيامه بمزاج سيئ فإنه تعلم أن يضع مخططاً يومياً لأحلامه بحيث يمكنه تحقيقها دون صدمات، حتى وإن كانت بمقدار أن يخرج من منزله في الصباح الباكر ليمارس رياضة المشي في الحديقة التي تبعد عن منزله بضعة كيلومترات!.
يمكن للأحلام أن تكون بسيطة جداً، كحلم سهرة حالمة، أو السفر وحيداً كنوع من التغيير!، ليس عليه أن يحلم بتسلق قمة إيفرست، أو يسافر حول العالم، ليسمى حلماً مستحقاً.. لقد أثبتت له الأيام أن الأحلام المستحيلة تبقى مجرد أحلام!.
عندما حضرت بالأمس حفل تخرج بنات إخوتي من الثانوية العامة، غمرني ذلك الإحساس بالفرح ومتعة أن تكون قادراً على الحلم، فتيات وشباب تفوح من خطواتهم رائحة الأحلام، ومن عيونهم تتدفق ألوان أيام حبلى بالمفاجآت، تذكرتُنا ونحن في مثل يومهم هذا، وتذكرت الأحلام والرغبات والأيام والسعي الذي لم يتوقف حتى اللحظة.. وها نحن لا زلنا وقوفاً على ناصية الحلم لم ننسه، بل نقاتل لأجله. وكأن الإنسان ابن الحلم وصانعه الوحيد.. سواء كان الحلم بضع خطوات للخارج، أو ألف ميل لتحقيق مستقبل، فإننا محكومون به، نتنفسه ونسير بصحبته ولا نكون إلا به.