بعد الضربات القاصمة التي تعرضت لها منطقة الضاحية الجنوبية في العاصمة اللبنانية بيروت، واستهدفت مقر قيادة حزب الله، وأدت لاغتيال زعيمه حسن نصرالله، بات لبنان في وجه العاصفة، ما لم يتم محاصرة تداعيات ما حصل، وباتت المنطقة كلها أمام مرحلة جديدة تماماً تستكمل بها واشنطن ما بدأته عام 2006، ذلك العام العاصف الذي دارت فيه رحى حرب طاحنة بين لبنان وإسرائيل، والتي لم تغب عن الذاكرة مشاهدها الكارثية، التي طحنت معظم لبنان يومها!
لنعود قليلاً بالذاكرة إلى ذلك العام 2006، وتحديداً في شهر يوليو، حيث انعقد المؤتمر الصحفي الذي نظم إثر مؤتمر روما الدولي حول الحرب في لبنان يوم 26 يوليو، في ذلك المؤتمر قالت كونداليزا رايس، وزيرة الخارجية الأمريكية يومها: «إن حرب لبنان هي آلام الولادة القاسية للشرق الأوسط الجديد» واليوم بعد اغتيال أمين عام حزب الله ترددت عبارة شبيهة تماماً: «المنطقة أمام نظام جديد»، فهل ما حدث هو استكمال لحرب عام 2006؟ وإن ما لم تنفذه إسرائيل في تلك الحرب استكملته بعد 18 عاماً؟
خلال أعوام طويلة كانت إسرائيل تجمع أكبر قدر من المعلومات حول الحزب وقادته وتحركاتهم واجتماعاتهم ونقاط ضعفهم، اخترقتهم وتمكنت منهم، ليست المسألة في مجرد تجنيد جواسيس من الخارج، يبدو واضحاً أن الحزب مخترق من داخله، هذه الهشاشة الفادحة التي قادت إلى القضاء عليه مصدرها من عمق المستويات الأقرب لنصرالله، وإذن فما هي الخطوة التالية؟ خليفة جديد سيعلن عن اسمه، لكن هل سينجو؟ هل سيعود الحزب كما كان؟ وهل يحتمل لبنان سيناريو حرب استنزاف بين بقايا الحزب وإسرائيل؟
لا جدال في أن إسرائيل نظام محتل وغاشم، وكعرب لا يمكننا أن نتبنّى انتصاراته أو نؤيدها طالما في المرمى بلد عربي يستحق الوقوف معه، وإنقاذه من الهاوية التي يتخبط فيها جراء سنوات من الانهيارات السياسية والاقتصادية والاصطفاف إلى جانب مشاريع خارجية لا تمت لأهداف وروح الأمة العربية، بسبب سياسات حزب الله، لكن لبنان اليوم والمنطقة كلها أمام مرحلة خطيرة تتطلب الكثير من العقلانية والحرص، وإعلاء مصالح الأوطان لا مصالح الآخرين!