خلافات تاريخية!

لا أفهم في أمور الفلك كثيراً، لكنني أعتقد أنه مثلما تختلف المواقيت بحسب موقع البلاد من خطوط الطول والعرض، ويتباين طول الليل والنهار بحسب موقع الدولة على سطح الكرة الأرضية، ومثلما أجلس مساءً لأحدث صديقتي في مدينة سياتل الأمريكية فتقول لي إنها بالكاد قد استيقظت من النوم، وإن النهار قد بدأ للتو، فإن علينا بالمنطق نفسه أن نتقبل بشكل عادي أن يكون العيد لدينا في الإمارات في توقيت يختلف عنه في مدن ومناطق أخرى في العالم، وأن يكمل بعض المسلمين عدة رمضان ثلاثين يوماً بينما يصوم آخرون 29 يوماً فقط!

(صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) هذا ما يلتزم به المسلم، دون الحاجة لجدال يمتد ليصل إلى عمق الخلافات السياسية والتاريخية، ودون أن يتدخل من لا علاقة له بالفلك والعلم والمواقيت ليحلل ويفسر ويثير الفتن النائمة بإحالة أمر مبدئي إلى الخضوع والتحرر والسلطة والسيطرة والخلافات والثارات التي مضى عليها مئات السنين، لكن البعض يتحرك بحاسة الرغبة في إحياء الفتن قدر المستطاع!

نعم هناك تعليلات مختلفة لموضوع اختلاف مواقيت الصيام والعيدين، منها الجغرافي ومنها المذهبي أحياناً، إلا أن أخذ الأمور بظواهرها وترك الجدل والمراء أنفع للجميع، مع علمنا أن هذا أمر يبدو مثالياً جداً وسط جبال الخلافات التي تعصف بالعالم العربي والإسلامي حول أمور أقرب للتفاهة واللا أهمية أحياناً، إلا أننا يجب أن نظل نحاول ونتحدث دون يأس، بالرغم من أن عمر هذا النوع من الخلافات من عمر حروب الردة التي كانت في العام 632 م أي قبل قرابة 1400 عام!

للأسف فإن السوشيال ميديا طورت هذا النوع من الجدالات في اتجاه سلبي حتى وإن كان يتم الترويج لها باعتبارها نقاشات حرة ومراجعة ضرورية للتراث والتاريخ، إلا أنه ومع ضرورة هذه المراجعة والتحقيق، فإن هذا ليس من عمل العامة أو متعاطي السوشيال ميديا، مراجعات الأحكام والتاريخ والخلافات تحتاج إلى علم وعلماء وفقه وفقهاء واختصاص ومختصين، أما أن يقال إن الأمر حق للجميع، فهذا لن يقود لغير المزيد من الخلافات والاحتقان والفوضى!