هذا الحال.. إلى متى؟

منذ بداية الألفية الثالثة ونحن في منطقة الخليج والشرق الأوسط نقف في عين العاصفة، ونراوح ما بين أزمة وكارثة، وما بين حرب واقتحام وتفجيرات وإرهاب وقتل ودمار، لحظات التأزم هي السائدة على الأرض كما في العلاقات بين وحدات النظام العربي والإقليمي، ولو استعرضنا هذه العلاقات لوجدنا أن ما يدور على أرض الواقع ليس سوى انعكاس لعلاقاتنا معاً، ولطبيعة علاقتنا بأوروبا وبالولايات المتحدة، وقبل كل ذلك فإن ما يحدث في أوطاننا ليس سوى ترجمة لمدى هشاشة النظام الإقليمي العربي وضعف مقوماته: اقتصاده وسياساته وأدوات القوة التي يمتلكها!

ليس جلداً للذات، ولا نظراً دونياً لإمكانياتنا وقدراتنا، فنحن كبلدان وكنظام عربي لدينا الكثير، بل والكثير جداً من القدرات التي لا تمتلكها حتى دول الاتحاد الأوروبي: موارد الطاقة والنفط الكبرى في بلداننا، الطاقة البشرية الشابة نحن من يمتلكها، فأوروبا قارة عجوز فقدت قدراتها وشهيتها للنمو البشري، مكتفية بالمهاجرين والمجنسين.

إضافة لكل ما سبق فإننا نمتلك عقولاً قادرة على إدارة أكبر عمليات النمو والإنتاج، ولدينا أراضٍ خصبة ومواقع ونقاط قوة اقتصادية، وقبل وفوق كل هذا لدينا خزان لا ينضب من الطاقة والتاريخ الديني والروحي والقيمي، لكن ماذا فعلنا بكل هذا؟ كيف تم توظيفه وتسخيره لمصالحنا وقوتنا! هل بنينا لأنفسنا قوة اقتصادية تتناسب مع هذه الإمكانيات؟ لندع الصناعات العسكرية حتى لا يقول أحدهم إنها أمنية بعيدة وممنوعة، فماذا عن الصناعات التي نستوردها من أضعف وأفقر دول العالم؟ ماذا عن الصناعات الاستهلاكية، الكهربائية، الغذائية، الزراعية، وصناعات الملابس والسيارات والـ.. إلخ!

الحقيقة أن معظم أنظمة الشرق الأوسط (ما عدا عدداً قليلاً من الدول) جعلت كل هذا ضد مصالحها ومصالح الأمة، اختارت أنظمة أن تكون دكتاتوريات بشعة لا تفعل سوى قمع شعوبها وتضييع ثرواتها، واختارت أخرى العزلة الحضارية، وأخرى اختارت التخلف والفساد، وهناك من اختار أن يكون مرتعاً لحركات الإرهاب الموالية لأنظمة وجماعات تعمل عكس حركة التاريخ والتطور وضد مصالح الأمة، فماذا كانت النتيجة؟ المزيد من التأزيم والتخلف والدمار، فإلى متى؟ ومتى سنتعلم من كل هذه التركة التي حملتها، وتحملها أجيال تلو أجيال؟