يعتبر الشعور بالملل من أكثر الظواهر المنتشرة في حياة معظم الناس في الوقت الحالي، لم يغب الملل يوماً عن حياة الناس، فكلما كانت حركة الإنسان في الحياة بلا هدف يسعى لتحقيقه، وكلما خلت حياته من المعنى الحقيقي لوجوده، أصبح ميالاً لتكرار النمط الذي يتصرف به، فتصبح حياته اليوم صورة للأمس ولما قبله، لا شيء جديد، ولا شيء يتغير، ولو أن الأمر مجرد تكرار ظاهري لأعمال ووظائف وتصرفات لهان الأمر، لكنه التكرار الممل لتصرفات وأعمال تافهة وفارغة بلا قيمة وبلا مردود وجدوى، وهنا يسقط الإنسان يوماً بعد آخر في فخ الرتابة؛ تلك الرتابة التي تعتبر من أصعب الأمور التي تواجه أياً منا في العمل أو العلاقات أو التصرفات العادية، والتي ترافق أداء الإنسان لمهامه وأعماله، فأداء الأنشطة نفسها في بيئة خاضعة للرتابة قد يؤدي أيضاً إلى خنق الشعور بالسعادة والشغف والرغبة في الإبداع؛ لذا ينصح الناس دوماً بالبحث عما يجنبهم في علاقاتهم وأعمالهم الشعور بالرتابة اليومية.

الكتابة تحديداً حين تتحول إلى مجرد تكرار واجترار أفكار لا أكثر تصبح عبئاً، وعندما تجلس في مكانك لا تفعل شيئاً، وعندما لا تريد أن تغير أسلوبك في طريقة العيش وتناول الحياة في أبسط أشكالها وأعقدها، لا لسبب إلا لأن البعض يخاف تغيير ما اعتاده، لأنهم يقعون فريسة التعود والشعور بالأمان في ظل ما اعتادوه.

البعض يخاف تغيير الشارع الذي يسلكه للعمل أو للسوبر ماركت أو لبيت صديقه، البعض يخاف تجربة طعام جديد، أو بلد آخر للسفر، أو ماركة ملابس، أو نوعية كتب وقراءة. وبعد أن كانت الحياة والعمل والكتابة ضوءاً ينقذنا صارت الرتابة نفقاً يخنقنا.

السقوط في التكرار والاعتياد الأجوف والممل يخنق الروح ويضيق زوايا النظر، لكن الرتابة يمكن أن تتحول أحياناً إلى قوة دافعة، فقط حين تجعلك تتمرد أو تطير.