لنمضِ في هذا الطريق

«دعه يعمل، دعه يمر»، مصطلح أو دعوة ذكرها لأول مرة وزير المالية الفرنسي رينيه دي فوير، في مقال نشره خمسينيات القرن الثامن عشر، وتحديداً عام 1751، وفي ما بعد تلقفه الرأسماليون، ليصبح مبدأ اقتصادياً تدعمه الليبرالية الاقتصادية، التي ترفض التدخل الحكومي في السوق، بحيث تترك الحكومة التجارة حرة دون أي تدخل فيها، ما يقود إلى كوارث لا تحصى على بنية المجتمعات من الداخل.

في السينما ينتج العديد من الأفلام التي تناقش الفكرة على مستوى العلاقات العاطفية والأسرية، حين تتأزم الأوضاع داخل الأسرة، ويكون من الضروري أن يعمل أحد الأطراف وفق نظرية دع الأمر يمر بدون تعقيد، أو لنجرب أن نمضي في هذا الطريق، فربما أمكننا أن نحافظ على ما تبقى بيننا من مودة لصالح العائلة على الأقل!

وبالفعل، فكثير من العلاقات المتأزمة داخل ملايين الأسر، وبين معظم الأزواج، تحتاج أن يبادر أحدهما لتبنّي فكرة لنجرب طريقاً آخر ولنمضِ فيه، لنعطِ أنفسنا فرصة أخيرة، بعيداً عن التحكم والسيطرة، لنتحرر من المخاوف والقلق والرغبة في السيطرة، فربما كان تأزم العلاقة بسبب كل هذه التعقيدات!

كم أسرة تعيش هذا الوضع؟ وضع الحياة تحت سقف البيت نفسه، بقلوب وأرواح تحلق كل واحدة منها في سماء أخرى، وكأنهم ليسوا عائلة، وكأن الأزواج اليوم الذين لا يطيقون أحياناً التحدث لبعضهم البعض، ليسوا هم أنفسهم الذين تزوجوا إثر قصة حب حلوة منذ سنوات، ورسموا معاً أحلاماً وأشجاراً وبيتاً وآمالاً، سرعان ما طار معظمه مع عواصف الخلافات والتباعد والبرود والأنانية والنرجسية واللامبالاة!

كيف يمكن استعادة وهج العلاقة الأولى؟ ربما يصعب الوصول إلى هذا الهدف، لكن لنقُل كيف يمكن منع الحياة الزوجية من السقوط في هاوية الانفصال؟ كيف يمكن الاعتراف بوجود تلك المشاعر الجميلة بين الأزواج، ومحاولة التمسك بها في حالة من الوعي المتبادل بين الزوجين، كيف يمكن الاعتراف بالأخطاء، والإشارة إلى بدايات التدهور، رغبة في القفز للمخرج، وبالتالي، إعطاء العلاقة فرصة لترمم نفسها بفضيلة الذاكرة الحميمة؟ هل يمكن ذلك رغم أن الوقت قد تأخر كثيراً جداً؟.