قد يكون من السهل تبني مبدأ (دعه يعمل، دعه يمر) كمنهج اقتصادي، تؤمن به منظومة اقتصادية رأسمالية، ففي نهاية الأمر لا يتعدى الأمر تغيير القوانين والإجراءات بواسطة قرارات عليا، لكن الأمر لا يتم بالطريقة نفسها حين يتعلق الأمر بالبشر، فليس من السهل أن تتخذ زوجة (مصابة بالسرطان) تتحمل مسؤولية بيت وتربية طفل متمرد ومراهقة شرسة، قراراً بإلزام زوجها اللامبالي أن يتبع طريقاً ترسمه لإنقاذ الأسرة من خطر التفكك، لكن هذا ما حدث بالفعل حين قررت ستيلا (الزوجة) عدم إعطاء زوجها فرصة الهروب من مسؤولياته بالموافقة على الطلاق!
تقدم المخرجة السويدية جوزفين بورنبوش التي هي بطلة الفيلم في الوقت نفسه، نسخة تكاد تكون طبق الأصل لأكثر الإشكاليات التي تعاني منها آلاف الأسر والزيجات حول العالم، والتي تتلخص في تراكم الأزمات في تفاصيل الحياة الزوجية، فيقررون ضمناً بعد فشل أول وثاني وعاشر محاولة الإصلاح، أن يتركوا القارب يسير في بحر الحياة بقوة الرياح بعد أن تعطلت مكائن العواطف والتفاهمات! لكن الرياح ليست قوة دفع خيرة دائماً، إذ غالباً ما تتحول إلى عاصفة تفترس القارب في غمضة عين، كما تنهي كلمة الطلاق تاريخاً أسرياً بمنتهى البساطة!
وبالرغم من أن الفيلم يسلط الضوء ساطعاً على حقيقة أن الرجال يظهرون دائماً استعداداً يبدو فطرياً إلى الغياب عن البيت وحياة الأسرة، والتهرب من جميع المسؤوليات تماماً عندما تتعقد الأمور، مع إعلاء لقيمة الأنانية البغيضة، مفضلين الطلاق على حل الإشكاليات العالقة، إلا أن الفيلم لم يترك ساحة النساء ناصعة فألقى عليهن بالكثير من الاتهامات والمسؤولية، وتحديداً ما يتعلق بعدم الثقة في قدرة الزوج على تحمل دوره كما ينبغي إضافة لهوسهن بالسيطرة والتحكم.
الطلاق يعني أن الزواج كان تجربة فاشلة وانتهى الأمر، لكن ماذا عن الأبناء، كيف يمكن التخلي عنهم بسهولة، إنهم ليسوا أبناء الزوجة فقط، وهذا ما احتاجت ستيلا لتعليمه لزوجها فترة استغرقت نصف زمن الفيلم، قبل أن تودع الحياة وتمضي في طريق آخر! بحسب النهاية التي اختارها الفيلم السويدي (دعنا نمضي)!