أحياناً يبدو الموقف من الناجحين ملتبساً بعض الشيء أو متناقضاً، الناجح هو الإنسان الذي استطاع تخطي الصعوبات والعراقيل، والوصول إلى هدفه، والناجح كذلك هو الشخص الذي يمتلك بعض المميزات أو القدرات الجسدية والنفسية والذهنية، التي تجعله يختلف عمن حوله.

وبهذه الإمكانات يمكنه رؤية الفرص، أو السعي لها، والبدء من جديد دائماً، أما المميزات التي تدفع أي إنسان للنجاح، فهي قدرته على استغلال الفرص، هذا لا يعني دائماً أنه شخص استغلالي أو لا أخلاقي، أو كما تصفه النظرية الرأسمالية بالشخص البراغماتي، فاستغلال الفرص يمكن أن يكون حالة من التنبه وحضور البديهة، والسعي للأماكن والعلاقات والمعارف التي تساعده على النجاح بشكل أسرع من الآخرين!

أحياناً يتقدم شخصان للوظيفة نفسها، ويُقبل الاثنان معاً، لكن أحدهما يستمر، والآخر يترك العمل بعد مدة بسيطة، بحجة أنه لا يلبي طموحاته الآنية، بينما يستمر الآخر، ويتخذ من هذا المكان المحدود منطلقاً للوصول والبلوغ لأماكن ووظائف أفضل، محاولاً بنباهة وذكاء، الاستفادة من كل العلاقات والفرص التي تمر أمامه، مهما كانت صغيرة، أو قد يراها الآخرون تافهة!

النجاح بحاجة للذكاء والاجتهاد وسعة الأفق، وسعة المخيلة، ورحابة الصدر، والناجح يحتاج أن يستفيد برغبة وإصرار من تجارب الآخرين، كما يحتاج لأن يكون ممتناً لكل من يقدم له معروفاً، مهما صغر هذا المعروف، كما يحتاج أن يكون معطاء، بعيداً عن الأنانية، هذه الصفات تكون صورة نابضة الجاذبية عن أي شخص يتمتع بها، وهذه الجاذبية الشخصية، تصنع للإنسان هالة من القبول، تجعله يجتذب النجاح أينما ذهب.

كما يجده محط ترحيب من الكثيرين الذين لا يجدون فيه تعالياً أو غروراً أو اعتزالاً عن الآخرين، أو بُعداً عنهم، ومعروف أن العمل يحتاج الشخص الجاد والعملي أو الديناميكي، الذي يتحرك باتجاه الآخرين، لا الشخص الذي ينتظر الناس أن تأتي إليه!

هذا الناجح بعد أن يتألق نجمه، تجد البعض يشنون عليه هجوماً، أو يتخذون منه موقفاً غير مبرر، يكون أغلبه نابعاً من الغيرة والحسد، أكثر من أي شيء آخر، خاصة إذا كان نجاحاً في ميادين عملية وجادة، وذات أثر مشهود، ومردود مادي كبير، وجماهيرية عالية، يتحول بها الشخص إلى ما يشبه الأسطورة، بينما لا يهاجمون المشهور التافه أو عديم الجدوى، وما أكثرهم!