يمثل إعلان صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، الثامن والعشرين من شهر فبراير من كل عام «اليوم الإماراتي للتعليم»، تأكيداً لحقيقة ثابتة وراسخة، وهي إيمان القيادة الإماراتية الرشيدة بأهمية التعليم، باعتباره ركيزة التنمية الشاملة والمستدامة، والأساس الصلب الذي تنطلق منه دولة الإمارات نحو المستقبل المزدهر الذي تنشده.
ومن هنا، كان حرص الدولة منذ بداية تأسيسها المبارك في عام 1971، وحتى قبل ذلك، على توفير التعليم الجيد لمواطنيها، وتيسير كافة السبل التي تدفع أبناء الإمارات للالتحاق بالمؤسسات التعليمية، من أجل تخريج الكوادر البشرية المتعلمة والمؤهلة علمياً ومعرفياً، لخدمة مسيرة النهضة الشاملة.
وتشير الوقائع التاريخية إلى أن المغفور له بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، وسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك (أم الإمارات)، قاما بجهود كبيرة من أجل إقناع القبائل بتعليم بناتها وأبنائها، في مرحلة ما قبل التأسيس وبداياته، ومن ضمن هذه الجهود، توفير المدارس بالقرب من مناطق التركز السكاني، وحتى في المناطق النائية.
واستمر هذا الاهتمام وتعزز في المراحل الزمنية التالية، وأثمر العديد من المكاسب التي وضعت دولة الإمارات في مصاف الدول الأكثر تطوراً في مجال التعليم، وفقاً لتقارير كبرى المؤسسات الدولية المتخصصة في مجال التعليم والتنافسية، حيث حققت الدولة المركز الأول عالمياً في ثلاثة من المؤشرات المرتبطة بالهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة (التعليم الجيد)، إذ تصدرت المركز الأول في كل من مؤشر الالتحاق بالتعليم الابتدائي، ومؤشر معدل الإلمام بالقراءة والكتابة، ضمن تقرير الفجوة بين الجنسين، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي، كما احتلت المرتبة الأولى في انتقال الطلبة الدوليين ضمن الكتاب السنوي للتنافسية العالمية، الصادر عن المعهد الدولي للتنمية الإدارية.
كما تصدرت دولة الإمارات الدول الخليجية من حيث جودة الأداء التعليمي في 2024، وحلت في المرتبة 20 عالمياً، بحسب تصنيف مجلة «Ceoworld».
إن إيمان قيادتنا الرشيدة، حفظها الله، بالتعليم وبأهميته، راسخ وعميق الجذور، وهو ما انعكس بوضوح في التطور الكبير الذي شهدته الدولة في مجال التعليم، ليس فقط على مستوى البنية التحتية المتطورة، وعلى مستوى المناهج التعليمية القادرة على مواكبة المستجدات العالمية، وإنما أيضاً على مستوى التخطيط الاستراتيجي طويل المدى، لضمان كفاءة المخرجات التعليمية، وتلبيتها للتطورات التي يشهدها العالم من حولنا، ومن هنا، كان الاهتمام في السنوات الأخيرة على أن تواكب المناهج والمخرجات التعليمية التطورات المستمرة في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، خاصة في ما يتعلق بمجال الذكاء الاصطناعي، الذي يتوقع أن يعيد تشكيل العالم في المستقبل القريب.
إن اعتماد الثامن والعشرين من شهر فبراير من كل عام، يوماً إماراتياً للتعليم، لن يمثل فقط مناسبة وطنية للاحتفاء بأهمية التعليم في الإمارات، ودوره المحوري في تنميتها وتقدمها، وبناء أجيالها ومجتمعها، والإسهام في نهضتها الحضارية، وإنما أيضاً هو تأكيد لا لبس فيه على إيمان القيادة الرشيدة بأن التعليم هو ركيزة الانطلاق نحو المستقبل، وتحقيق طموحات الإمارات اللامحدود، خلال الخمسين عاماً المقبلة، مثلما كان هو طريقها لتحقيق نهضتها الشاملة، ومعجزتها التنموية في السنوات الخمسين الماضية.