مع اقتراب حلول العام الجديد 2025، تبدو الآفاق الاقتصادية للإمارات واعدة، بالرغم من جميغ التحديات الاقتصادية والجيوسياسية الإقليمية والعالمية التي شهدها عام 2024، أو يتوقع أن يشهدها في العام المقبل.
وفي أحدث مؤشر على ذلك، تقرير مصرف الإمارات المركزي، الذي توقع نمو الاقتصاد الإماراتي بنسبة 4 % خلال عام 2024، مع تسارع هذا النمو إلى 4.5 % في عام 2025، ثم إلى 5.5 % في عام 2026، مدعوماً بشكل أساسي من الخطط والسياسات الاستراتيجية التي تنفذها الحكومة لجذب الاستثمارات الأجنبية، وتعزيز التنويع الاقتصادي.
هذه المؤشرات تؤكد بوضوح مرونة وقوة الاقتصاد الإماراتي، وسلامة النهج التنموي الذي تتبعه الدولة، خاصة في ظل تراجع أو جمود معدلات النمو الاقتصادي العالمي، فوفقاً لتقديرات صندوق النقد الدولي في أكتوبر 2024، سيتباطأ نمو الاقتصاد العالمي من 3.3 % عام 2023، إلى 3.2 % في عامي 2024 و2025، فيما توقَّع تقرير «الآفاق الاقتصادية العالمية»، الصادر عن البنك الدولي في يونيو 2024، أن يسجل الاقتصاد العالمي نمواً ضعيفاً ثابتاً عند 2.6 % في عام 2024، قبل أن يرتفع بنسبة ضئيلة إلى 2.7 % في عامي 2025 و2026، وهو أقل من المتوسط البالغ 3.1 % في العقد السابق للجائحة. كما توقعت وكالة ستاندرد آند بورز تباطؤ النمو العالمي من 3.5 % في عام 2023، إلى 3.3 % في عام 2024، ثم إلى 3 % في عام 2025.
فبالرغم من هذه المؤشرات الاقتصادية السلبية عالمياً، واصلت دولة الإمارات مسيرتها التنموية الرائدة في عام 2024، حيث بلغت صادرات الإمارات خلال النصف الأول من 2024، ما كانت تصدره خلال عام كامل قبل «كورونا» في 2019، واقتربت تجارتها الخارجية من 1.4 تريليون درهم خلال ستة أشهر، بنمو 25 % لصادراتها غير النفطية، وهذا التطور الكبير في التجارة الخارجية للدولة، جاء مدعوماً بالدبلوماسية التجارية والاقتصادية النشطة للإمارات، والتي عكستها بوضوح اتفاقيات الشراكة الاقتصادية الشاملة، التي وقعتها الدولة مع العديد من دول العالم، والتي عززت مكانة الإمارات كبوابة رئيسة لتدفق التجارة والخدمات اللوجستية، عبر توسيع شراكاتها الدولية مع الأسواق الاستراتيجية في جميع أنحاء العالم، إذ بلغ عدد هذه الاتفاقيات التي أنجزتها نحو 24 اتفاقية، منها ما دخل حيز التنفيذ بشكل كامل، وأخرى جرى التوقيع عليها رسمياً، ويتم حالياً استكمال إجراءات التصديق عليها، تمهيداً لبدء تنفيذها.
كما عززت دولة الإمارات جهودها في تطوير مجالات التطور التكنولوجي والذكاء الاصطناعي، سواء من خلال الاستثمارات الكبيرة في هذا المجال، الذي سيرسم ملامح النمو الاقتصادي العالمي في المستقبل، أو عبر بناء الشراكات العالمية الفاعلة، حيث تقود الإمارات شراكة عالمية للاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي، شملت «MGX» الإماراتية، وشركات بلاكروك ومايكروسوفت وغلوبال إنفراستركتشر بارتنرز، وبالتعاون مع عدد من قادة الصناعة.
كما أعلنت الإمارات والولايات المتحدة إطاراً للتعاون بينهما في مجال الذكاء الاصطناعي، خلال زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، إلى واشنطن خلال عام 2024، وهو الإعلان الذي يتوقع أن يمهد الطريق لتعاون تكنولوجي أوثق وأكبر بين البلدين في المستقبل.
هذه الآفاق الاقتصادية الواعدة للاقتصاد الإماراتي، أكدتها التصنيفات العالمية، حيث حصلت دولة الإمارات على تصنيف ائتماني سيادي AA-، مع نظرة مستقبلية مستقرة من وكالة فيتش العالمية للتصنيف الائتماني، وعلى تصنيف Aa2 في الجدارة الائتمانية، وهو التصنيف السيادي الأقوى في المنطقة، مع نظرة مستقبلية مستقرة، وذلك من قبل وكالة التصنيف الدولية «موديز».
ويؤكد كل ذلك بوضوح أن الإمارات ماضية بقوة في طريق تعزيز نموذجها التنموي الرائد، بفضل رؤية قيادتها السياسية الحكيمة، التي تضع ازدهار ورفاهية المواطن الإماراتي في قمة أولوياتها، وتعمل بلا توقف، من أجل تحقيق هذا الهدف.