في القاهرة ثمة عمارات اشتهرت كثيراً بسبب اختيارها من قبل أهل الفن مقراً لإقامتهم.
ومعظم هذه العمارات السكنية تقع في حي الزمالك الراقي بسبب اتصافه بالهدوء وبعده عن الضوضاء.
وهذا ما أكدته مجلة الكواكب في عام 1962 من خلال تحقيق احتل أربع صفحات بعنوان «أين يسكن أهل الفن؟»، حينما قالت: «حي الزمالك كان له الأولوية في عشق أهل الفن للسكن فيه بسبب ما يتمتع به من هدوء، حيث سكن فيه عشرات الفنانين بجزأيه الشرقي وأرض الجزيرة».
من أهم نجوم السينما والطرب الذين سكنوا في الزمالك السيدة أم كلثوم التي كانت تقيم هناك في فيلا من دورين (حل مكانها اليوم فندق)، والعندليب عبدالحليم حافظ الذي أقام منذ بداية عام 1962 بشقة واسعة مكونة من 10 غرف وصالتين و3 حمامات في عمارة بالقرب من حديقة الأسماك في الزمالك، ونجوى فؤاد ويوسف شاهين وثريا حلمي، الذين سكنوا بعمارة قريبة من مكان إقامة العندليب.
ومن الذين سكنوا الزمالك أيضاً الموسيقار محمد عبدالوهاب، الذي أقام هو وزوجته نهلة القدسي في الدور الأول من عمارة مطلة على النيل في شارع المنتزه، وعماد حمدي، الذي اختار أن يسكن الشقة 10 في الدور الثالث في عمارة على امتداد شارع حسن صبري، وفي عمارة أخرى مواجهة وعلى بعد أمتار فقط كانت تقيم شويكار ونجاة الصغيرة وعزالدين ذوالفقار (قبل أن ينفصل عن زوجته الثانية كوثر شفيق)، ومحمود المليجي وزوجته علوية جميل.
وبالقرب منهم، في العمارة رقم 22 ــ شقة 74، كان يسكن محرم فؤاد. ومن الأسماء الأخرى التي سكنت الزمالك الفنان أحمد رمزي والسندريلا سعاد حسني وأمينة رزق وإسماعيل ياسين وبليغ حمدي وعبدالسلام النابلسي ومحمد الكحلاوي.
على أن أشهر عمارتين كانتا سكناً لنجوم الفن هما «عمارة إيموبيليا» بوسط القاهرة، و«عمارة ليبون» في شارع الجبلاية بجوار حديقة الأسماك في حي الزمالك، وسوف يقتصر حديثنا هنا على العمارة الثانية التي تم بناؤها من 100 شقة في بداية الخمسينيات على مساحة 1500 متر مربع وبارتفاع 14 طابقاً، من تصميم المهندس المعماري المصري «أنطوان سليم نحاس» المولود بالقاهرة سنة 1901 والمتخرج عام 1930 في كلية الفنون والصناعات بباريس، الذي عمل مدرساً في كلية الفنون الجميلة، وكان كبير المعماريين بوزارة التربية والتعليم، وهو مصمم أبنية كثيرة أخرى، مثل «نادى الصيد» بالدقي، و«عمارة فريد الأطرش» بالجيزة، و«برج أبوالفتوح»، و«عمارة الشمس» بغاردن سيتي، و«عمارة شوشة» بشارع فؤاد، و«كنيسة قصر الدوبارة» خلف مجمع التحرير، و«عمارة أنجو زادة» بغمرة، علماً بأنه ترك مصر إلى إيطاليا مستاء من تأميم الدولة لأملاكه، ثم عاش في لبنان إلى أن توفي هناك عام 1966.
أما ملكية عمارة ليبون فتعود إلى شركة ليبون التي تأسست عام 1865 بغرض إنارة شوارع الإسكندرية، لمالكها اليهودي الفرنسي تشارلز ليبون، الذي سمح له محمد علي باشا بالاستثمار في مصر منذ منتصف القرن 19. وفي عام 1961 انتقلت ملكية العمارة للدولة في خضم التأميمات الاشتراكية ومصادرة الممتلكات الأجنبية زمن الرئيس عبدالناصر.
تميزت هذه العمارة الراقية والفريدة، التي تعد ضمن 3 عمارات يطلق المصريون عليها اسم «عمارات الهوانم» (عمارة ليبون، عمارة اليونيون، وعمارة علي لبيب جبر) بمدخلها الواسع وشققها الرحبة وحديقتها الخلفية الرائعة.
وكان من بين سكانها فاتن حمامة (سكنت الشقة 122 في الدور 12، وكانت عبارة عن فيلا مصغرة من دورين وأقامت فيها مع ابنتها نادية ذوالفقار وابنها طارق عمر الشريف).
وكان من جيران فاتن حمامة في هذه العمارة الفنانة لبنى عبدالعزيز التي سكنت في الطابق الثامن، والفنانة ليلى فوزي وزوجها المذيع جلال معوض، اللذان سكنا الدور الثالث، وسامية جمال التي سكنت في «ليبون» منذ عام 1951 واختارت الدور الثالث تفادياً لمشكلات تعطل المصعد، وكانت تدفع 35 جنيهاً بدل إيجار شهري، وفريد الأطرش الذي سكنها قبل أن يبني عمارته بالجيزة وينتقل إليها.